قصائد نزار القبانى
الان لمحبي الشاعر الكبير نزار قباني
اضع بين اياديكم جميع قصائده الشعريه
واتمنى ان ينال هذا العمل رضاء الجميع
اسألك الرحيلا
لنفترق قليلا..
لخيرِ هذا الحُبِّ يا حبيبي
وخيرنا.. لنفترق قليلا
لأنني أريدُ أن تزيدَ في محبتي
أريدُ أن تكرهني قليلا
بحقِّ ما لدينا..
من ذِكَرٍ غاليةٍ كانت على كِلَينا..
بحقِّ حُبٍّ رائعٍ..
ما زالَ منقوشاً على فمينا
ما زالَ محفوراً على يدينا..
بحقِّ ما كتبتَهُ.. إليَّ من رسائلِ..
ووجهُكَ المزروعُ مثلَ وردةٍ في داخلي..
وحبكَ الباقي على شَعري على أناملي
بحقِّ ذكرياتنا
وحزننا الجميلِ وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا
أكبرَ من شفاهنا..
بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا
أسألكَ الرحيلا
لنفترق أحبابا..
فالطيرُ في كلِّ موسمٍ..
تفارقُ الهضابا..
والشمسُ يا حبيبي..
تكونُ أحلى عندما تحاولُ الغيابا
كُن في حياتي الشكَّ والعذابا
كُن مرَّةً أسطورةً..
كُن مرةً سرابا..
وكُن سؤالاً في فمي
لا يعرفُ الجوابا
من أجلِ حبٍّ رائعٍ
يسكنُ منّا القلبَ والأهدابا
وكي أكونَ دائماً جميلةً
وكي تكونَ أكثر اقترابا
أسألكَ الذهابا..
لنفترق.. ونحنُ عاشقان..
لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان
فمن خلالِ الدمعِ يا حبيبي
أريدُ أن تراني
ومن خلالِ النارِ والدُخانِ
أريدُ أن تراني..
لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي
فقد نسينا
نعمةَ البكاءِ من زمانِ
لنفترق..
كي لا يصيرَ حبُّنا اعتيادا
وشوقنا رمادا..
وتذبلَ الأزهارُ في الأواني..
كُن مطمئنَّ النفسِ يا صغيري
فلم يزَل حُبُّكَ ملء العينِ والضمير
ولم أزل مأخوذةً بحبكَ الكبير
ولم أزل أحلمُ أن تكونَ لي..
يا فارسي أنتَ ويا أميري
لكنني.. لكنني..
أخافُ من عاطفتي
أخافُ من شعوري
أخافُ أن نسأمَ من أشواقنا
أخاف من وِصالنا..
أخافُ من عناقنا..
فباسمِ حبٍّ رائعٍ
أزهرَ كالربيعِ في أعماقنا..
أضاءَ مثلَ الشمسِ في أحداقنا
وباسم أحلى قصةٍ للحبِّ في زماننا
أسألك الرحيلا..
حتى يظلَّ حبنا جميلا..
حتى يكون عمرُهُ طويلا..
أسألكَ الرحيلا..
خمسة رسائل الى امي
صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباح الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وت**وني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..
.. وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءتهِ..
وتسألُ عن جريدتهِ..
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه..
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..
دنانيراً منَ الذهبِ..
سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تختي..
إلى كتبي.
إلى أطفالِ حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ **ولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ..
قد زُرعت بداخلنا..
كأنَّ مشاتلَ التفاحِ..
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا..
أتى أيلولُ يا أماهُ..
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ..
وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ..
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشقُ..
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ..
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ...
إغضب
إغضبْ كما تشاءُ..
واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ
حطّم أواني الزّهرِ والمرايا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..
كلُّ ما تقولهُ سواءُ..
فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..
إغضبْ!
فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ
إغضب!
فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..
كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..
فإنَّ قلبي دائماً غفورُ
إغضب!
فلنْ أجيبَ بالتحدّي
فأنتَ طفلٌ عابثٌ..
يملؤهُ الغرورُ..
وكيفَ من صغارها..
تنتقمُ الطيورُ؟
إذهبْ..
إذا يوماً مللتَ منّي..
واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمتُ كبرياءُ
والحزنُ كبرياءُ
إذهبْ..
إذا أتعبكَ البقاءُ..
فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..
وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..
فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..
فأنتَ في حياتيَ الهواءُ..
وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ..
إغضبْ كما تشاءُ
واذهبْ كما تشاءُ
واذهبْ.. متى تشاءُ
لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ
وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ...
مورفين !!
اللفظةُ طابةُ مطّاطٍ..
يقذفُها الحاكمُ من شُرفتهِ للشارعْ..
ووراءَ الطابةِ يجري الشعبُ
ويلهثُ.. كالكلبِ الجائعْ..
اللفظةُ، في الشرقِ العربيِّ
أرجوازٌ بارعْ
يتكلَّمُ سبعةَ ألسنةٍ..
ويطلُّ بقبّعةٍ حمراءْ
ويبيعُ الجنّةَ للبسطاءْ
وأساورَ من خرزٍ لامعْ
ويبيعُ لهمْ..
فئراناً بيضاً.. وضفادعْ
اللفظةُ جسدٌ مهترئٌ
ضاجعهُ كتابٌ، والصحفيُّ
وضاجعهُ شيخُ الجامعْ..
اللفظةُ إبرةُ مورفينٍ
يحقنُها الحاكمُ للجمهورِ..
منَ القرنِ السابعْ
اللفظةُ في بلدي امرأةٌ
تحترفُ الفحشَ..
منَ القرنِ السابعْ..
هجم النفط مثل ذئب علينا
من بحارِ النزيفِ.. جاءَ إليكم
حاملاً قلبهُ على كفَّيهِ
ساحباً خنجرَ الفضيحةِ والشعرِ،
ونارُ التغييرِ في عينيهِ
نازعاً معطفَ العروبةِ عنهُ
قاتلاً، في ضميرهِ، أبويهِ
كافراً بالنصوصِ، لا تسألوهُ
كيفَ ماتَ التاريخُ في مقلتيهِ
**َرتهُ بيروتُ مثلَ إناءٍ
فأتى ماشياً على جفنيهِ
أينَ يمضي؟ كلُّ الخرائطِ ضاعت
أين يأوي؟ لا سقفَ يأوي إليهِ
ليسَ في الحيِّ كلِّهِ قُرشيٌّ
غسلَ الله من قريشٍ يديهِ
هجمَ النفطُ مثل ذئبٍ علينا
فارتمينا قتلى على نعليهِ
وقطعنا صلاتنا.. واقتنعنا
أنَّ مجدَ الغنيِّ في خصيتيهِ
أمريكا تجرّبُ السوطَ فينا
وتشدُّ الكبيرَ من أذنيهِ
وتبيعُ الأعرابَ أفلامَ فيديو
وتبيعُ الكولا إلى سيبويهِ
أمريكا ربٌّ.. وألفُ جبانٍ
بيننا، راكعٌ على ركبتيهِ
من خرابِ الخرابِ.. جاءَ إليكم
حاملاً موتهُ على كتفيهِ
أيُّ شعرٍ تُرى، تريدونَ منهُ
والمساميرُ، بعدُ، في معصميهِ؟
يا بلاداً بلا شعوبٍ.. أفيقي
واسحبي المستبدَّ من رجليهِ
يا بلاداً تستعذبُ القمعَ.. حتّى
صارَ عقلُ الإنسانِ في قدميهِ
كيفَ يا سادتي، يغنّي المغنّي
بعدما خيّطوا لهُ شفتيهِ؟
هل إذا ماتَ شاعرٌ عربيٌّ
يجدُ اليومَ من يصلّي عليهِ؟...
من شظايا بيروتَ.. جاءَ إليكم
والسكاكينُ مزّقت رئتيهِ
رافعاً رايةَ العدالةِ والحبّ..
وسيفُ الجلادِ يومي إليهِ
قد تساوت كلُّ المشانقِ طولاً
وتساوى شكلُ السجونِ لديهِ
لا يبوسُ اليدين شعري.. وأحرى
بالسلاطينِ، أن يبوسوا يديهِ
قصيدة منشورَاتٌ فِدَائيّة على جُدْرَانِ إسْرائيل
-1-
لَنْ تجعلوا من شعبِنا
شعبَ هُنودٍ حُمرْ
فنحنُ باقونَ هُنا ..
في هذه الأرض التي تلبس في مِعْصَمها
إسوارةً من زهرْ
فهذه بلادُنا
فيها وُجِدنَا منذ فجر العمرْ
فيها لعِبنْا.. وعشِقْنا.. وكتبنَا الشِعرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في خُلجانها
مثلَ حشيش البحرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في تاريخها
في خُبزها المرقُوقِ.. في زيتونِها
في قمحها المُصْفَرّْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في وجدانِها
باقونَ في آذارها
باقونَ في نيَسْاَنِها
باقونَ كالحَفْر على صُلبانِها
وفي الوصايا العشْرْ ...
-2-
لا تسكرُوا بالنصرْ
إذا قتلتُمْ خالداً
فسوف يأتي عَمْرو
وإن سحقتُمْ وردةً
فسوفَ يبقى العطرْ
-3-
لأنَّ موسى قُطعتْ يداهْ
ولم يعُدْ يُتقنُ فنَّ السِحرْ
لأنَّ موسى كُسِرتْ عصاهْ
ولم يعُدْ بوسعه..
شَقَّ مياه البحرْ..
لأنَّكم .. لستُمْ كأمْريكا
ولسنا كالهنود الحُمرْ
فسوفَ تهلكونَ عن آخركم..
فوقَ صحاري مِصرْ..
-4-
المسجدُ الأقصى . شهيدٌ جديدْ
نُضيفهُ إلى الحساب العتيقْ
وليستِ النارُ ، وليسَ الحريقْ
سوى قناديلَ تُضيُْ الطريقْ ..
-5-
من قَصَبِ الغاباتْ..
نخرجُ كالجنِّ لكمْ ..
من قَصَبِ الغاباتْ
من رُزَم البريد.. من مقاعد الباصاتْ
من عُلَب الدخانِ ..
من صفائح البنزينِ..
من شواهد الأمواتْ
من الطباشيرِ .. من الألواحِ ..
من ضفائر البناتْ ..
من خَشَب الصُلْبان..
من أوعية البخُورِ ..
من أغطية الصلاةْ
من وَرَق المصحفِ ، نأتيكُمْ ..
من السُطُور والآياتْ
لن تُفْلتوا من يدنا ..
فنحنُ مبثوثونَ في الريحِ ..
وفي الماءِ ..
وفي النباتْ ..
ونحنُ معجونونَ ..
بالألوانِ والأصواتْ ..
لن تُفْلتوا ..
لن تُفْلتوا ..
فكلُّ بيتٍ فيه بندقيةٌ
من ضفَّةِ النيل إلى الفُراتْ
-6-
لنْ تستريحوا مَعَنا ..
كلُّ قتيلٍ عندنا ..
يموتُ آلافاً من المرَّاتْ ...
-7-
إنتبهوا ! ..
إنتبهوا ! ..
أعمدةُ النور لها أظافر
وللشبابيكِ عيونٌ عشرْ
والموتُ في انتظاركمْ
في كلِّ وجهٍ عابرٍ ..
أو لَفْتةٍ .. أو خصْرْ
الموتُ مخبوءٌ لكمْ
في مِشْط كلِّ امرأةٍ
وخُصْلةٍ من شَعرْ ...
-8-
يا آلَ إسرائيلَ .. لا يأخذْكُمُ الغرورْ
عقاربُ الساعات إنْ توقّفتْ
لا بُدَّ أن تدورْ
إنَّ اغتصابَ الأرض لا يخيفُنا
فالريشُ قد يسقُطُ عن أجنحة النسورْ
والعَطَشُ الطويلُ لا يخيفُنا
فالماءُ يبقى دائماً في باطن الصخورْ
هزمتُمُ الجيوشَ .. إلاّ أنَّكمْ
لم تهزموا الشعورْ ..
قطعتُمُ الأشجارَ من رؤوسها
وظلَّتِ الجذورْ ...
-9-
ننصحُكمْ أن تقرأوا ..
ما جاءَ في الزَبُورْ
ننصحُكمْ أن تحملوا توراتَكُمْ
وتتبعوا نبيَّكُمْ للطورْ
فما لكُمْ خبزٌ هُنا ..
ولا لكُمْ حضورْ ..
من باب كلِّ جامعٍ
من خلف كُلِّ منبرٍ م**ورْ
سيخرجُ الحَجَّاجُ ذاتَ ليلةٍ
ويخرجُ المنصورْ ...
إنتظرونا دائماً ..
في كُلِّ ما لا يُنْتَظَرْ
فنحنُ في كلِّ المطاراتِ ..
وفي كلِّ بطاقاتِ السَفَرْ
نطلع في روما ..
وفي زوريخَ ...
من تحت الحجَرْ
نطلعُ من خلف التماثيلِ ..
وأحواضِ الزَهَرْ
رجالُنا يأتونَ دونَ موعدٍ
في غَضَبِ الرعدِ .. وزخَّاتِ المطَرْ
يأتونَ في عباءة الرسُولِ ..
أو سيفِ عُمَرْ
نساؤنا
يرسمنَ أحزانَ فلسطينَ.. على دمع الشجَرْ
يقبرنَ أطفالَ فلسطينَ.. بوجدان البشَرْ
نساؤنا ..
يحملنَ أحجارَ فلسطينَ ..
إلى أرض القَمَرْ ....
-11-
لقد سرقتُمْ وطناً ..
فصفَّقَ العالمُ للمُغامَرَهْ..
صادرتمُ الألوفَ من بيوتنا
وبعتُمُ الألوفَ من أطفالنا
فصفَّق العالمُ للسماسرَهْ
سرقتُم الزيتَ من الكنائسِ..
سرقتُمُ المسيح من منزله في الناصرَهْ
فصفّق العالمُ للمغامَرَهْ ..
وتنصبُونَ مأتماً
إذا خَطَفنا طائرَهْ ...
-12-
تذكَّروا ..
تذكَّروا دائماً
بأنَّ أَمْريكا –على شأنِها-
ليستْ هي اللهَ العزيزَ القديرْ
وأنَّ أَمْريكا –على بأسها-
لن تمنعَ الطيورَ من أن تطيرْ
قد تقتُلُ الكبيرَ .. بارودةٌ
صغيرةٌ .. في يد طفلٍ صغيرْ ..
-13-
ما بيننا .. وبينكُمْ
لا ينتهي بعامْ ..
لا ينتهي بخمسةٍ .. أو عشْرةٍ
ولا بألفِ عامْ ..
طويلةٌ معاركُ التحرير.. كالصيامْ
ونحنُ باقونَ على صدروكمْ
كالنَقْش في الرخامْ ...
باقونَ في صوت المزاريبِ ..
وفي أجنحة الحَمامْ
باقونَ في ذاكرة الشمسِ ..
وفي دفاتر الأيَّامْ
باقون في شَيْطنة الأولاد.. في خَرْبشة الأقلامْ
باقونَ في الخرائط الملوَّنَهْ ..
باقونَ في شِعْر امريء القيس ..
وفي شِعْر ابي تمَّامْ ..
باقونَ في شفاه من نحبّهمْ
باقونَ في مخارجِ الكلامْ ..
-14-
مَوْعدُنا حين يجيء المغيبْ ..
مَوْعدُنا القادمُ في تل أبيبْ
"نَصْرٌ من اللهِ .. وَفَتْحٌ قريبْ".
-15-
ليس حُزَيرانُ سوى ..
يومٍ من الزمانْ
وأجملُ الوُرودِ ما
ينبتُ في حديقة الأحزانْ ....
-16-
للحزن أولادٌ سيكبُرُونْ
للوجَع الطويل أولادٌ سيكبُرُونْ
لمنْ قتلتمْ في حزيرانَ ..
صغارٌ سوفَ يَكبُرُونْ
للأرضِ ..
للحاراتِ ..
للأبواب.. أولادٌ سيكبُرُونْ
وهؤلاء كلُّهُمْ ..
تجمّعوا منذ ثلاثين سَنَهْ
في غُرف التحقيق ..
في مراكز البوليس.. في السجونْ
تجمّعوا كالدمع في العيونْ
وهؤلاء كلُّهمْ ..
في أيِّ . أيِّ لحظةٍ
من كلِّ أبواب فلسطينَ .. سيدخلونْ
-17-
وجاءَ في كتابه تعالى :
بأنَّكمْ من مِصْرَ تخرجونْ
وأنَّكمْ في تيهها ..
سوفَ تجوعونَ وتعطشونْ
وأنَّكمْ ستعبدونَ العِجْلَ.. دون ربِّكمْ
وأنَّكمْ بنعمة الله عليكمْ
سوف تكفرونْ ..
وفي المناشير التي يحملها رجالُنا
زدنَا على ما قاله تعالى
سطريْنِ آخرَيْنْ :
"ومن ذُرى الجولان تخرجونْ .."
"وضَفَّة الأردُنِّ تخرجونْ .."
"بقوّة السلاح تخرجونْ .."
-18-
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجَّالْ ..
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجَّالْ
ونحنُ باقونَ هنا ..
حدائقاً ..
وعطرَ برتقالْ ..
باقونَ فيما رسمَ اللهُ ..
على دفاتر الجبالْ
باقونَ في معاصر الزيتِ
وفي الأنوالْ ..
في المدِّ .. في الجَزْر ..
وفي الشروق والزوالْ
باقونَ في مراكب الصيْدِ
وفي الأصدافِ .. والرمالْ
باقونَ في قصائد الحبِّ ..
وفي قصائد النضالْ ..
باقونَ في الشعر .. وفي الأزجالْ
باقونَ في عطر المناديل ..
وفي (الدبْكة).. و (الموَّالْ)
في القَصَص الشعبيِّ .. في الأمثالْ ..
باقونَ في الكُوفيَّة البيضاءِ ..
والعقالْ ...
باقونَ في مُروءة الخيْل ..
وفي مُروءة الخيَّالْ ..
باقونَ في (المِْهباج) .. والبُنِّ
وفي تحيّة الرجال للرجالْ
باقونَ في معاطف الجنودِ ..
في الجراحِ .. في السُعالْ
باقونَ في سنابل القمح ..
وفي نسائم الشمالْ
باقونَ في الصليبْ ..
باقونَ في الهلالْ ..
في ثورة الطُلاَّبِ.. باقونَ
وفي معاول العُمَّالْ
باقونَ في خواتم الخطْبةِ
في أسِرَّة الأطفالْ ..
باقونَ في الدموعْ ..
باقونَ في الآمالْ ..
-19-
تِسعونَ مليوناً ..
من الأعراب ، خلفَ الأفْقِ غاضبونْ
يا ويلَكُمْ من ثأرهمْ..
يومَ من القُمْقُمِ يطلعونْ ....
-20-
لأنّ هارونَ الرشيدَ .. ماتَ من زمانْ
ولم يَعُدْ في القصرِ ..
غلمانٌ .. ولا خِصْيانْ ..
لأنَّنا نحنُ قتلناهُ ..
وأطعمناهُ للحيتانْ ...
لأنَّ هارونَ الرشيدَ ..
لم يَعُدْ "إنسانْ"
لأنَّهُ في تخته الوثير
لا يعرفُ ما القدسُ ، وما بيسانْ
فقد قطعنا رأسَهُ ..
أمسِ ، وعلّقناه في بيسانْ
لأنَّ هارونَ الرشيدَ .. أرنبٌ جبانْ
فقد جعلنا قصرهُ
قيادةَ الأركانْ ....
-21-
ظلَّ الفلسطينيُّ أعواماً على الأبوابْ
يشحذ خبزَ العدل من موائد الذئابْ
ويشتكي عذابَهُ للخالق التوَّابْ..
وعندما ..
أخرجَ من إسطبله حصانَهُ
وزيَّتَ البارودةَ الملقاةَ في السردابْ ..
أصبحَ في مقدوره
أن يبدأ الحسابْ ...
-22-
نحنُ الذينَ نرسُمُ الخريطَهْ ...
ونرسمُ السفوحَ والهضابْ
نحنُ الذين نبدأ المحاكمَهْ
ونفرضُ الثوابَ والعقابْ ..
-23-
العرَبُ الين كانوا عندكمْ
مصدِّري أحلامْ ..
تحوّلوا – بعد حزيرانَ – إلى
حقلٍ من الألغامْ
وانتقلتْ (هانوي) من مكانها
وانتقلتْ فيتنامْ ...
-24-
حدائقُ التاريخ.. دوماً تُزْهِرُ
ففي رُبى السودان قد ماجَ الشقيقُ الأحمَرُ
وفي صحاري ليبيا
أورقَ غصنٌ أخضَرُ
والعَرَبُ الذي قلتمْ عنهُمُ تحجَّروا
تغيّروا ..
تغيّروا ..
-25-
أنا الفلسطينيُّ ..
بعد رحلة الضيَاعِ والسرابْ
أطلعُ كالعشْب من الخرابْ
أضيء كالبرق على وجوهكمْ
أهطلُ كالسحابْ
أطلع كلَّ ليلةٍ
من فسْحة الدار.. ومن مقابض الأبوابْ
من ورق التوت.. ومن شجيرة اللبلابْ
من بِرْكة الماء.. ومن ثرثرة المزرابْ ..
أطلعُ من صوت أبي..
من وجه أمي الطيّب الجذَّابْ
أطلع من كلِّ العيون السود.. والأهدابْ
ومن شبابيك الحبيبات، ومن رسائل الأحبابْ
أطلعُ من رائحة الترابْ..
أفتحُ بابَ منزلي..
أدخله. من غير أن أنتظرَ الجوابْ
لأنَّني السؤالُ والجوابْ...
-26-
مُحاصَرونَ أنتُمُ .. بالحقد والكراهيهْ
فمِنْ هُنا.. جيشُ أبي عبيدةٍ
ومن هنا معاويَهْ ..
سلامُكُمْ ممزَّقٌ
وبيتكُمْ مطوَّقٌ
كبيت أيِّ زانيَهْ ..
-27-
نأتي بكُوفيَّاتنا البيضاء والسوداءْ
نرسُمُ فوق جلدكمْ ..
إشارةَ الفِداءْ
من رَحِم الأيَّام نأتي.. كانبثاق الماءْ
من خيمة الذلّ الذي يعلكها الهواءْ
من وَجَع الحسين نأتي
من أسى فاطمةَ الزهراءْ ..
من أُحُدٍ .. نأتي ومن بَدْرٍ
ومن أحزان كربلاءْ ..
نأتي .. لكي نصحِّحَ التاريخَ والأشياءْ
ونطمسَ الحروفَ ..
في الشوارع العبرِيَّة الأسماءْ
الحب والبترول ...!
متى تفهمْ ؟
متى يا سيّدي تفهمْ ؟
بأنّي لستُ واحدةً كغيري من صديقاتكْ
ولا فتحاً نسائيّاً يُضافُ إلى فتوحاتكْ
ولا رقماً من الأرقامِ يعبرُ في سجلاّتكْ ؟
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
أيا جَمَلاً من الصحراءِ لم يُلجمْ
ويا مَن يأكلُ الجدريُّ منكَ الوجهَ والمعصمْ
بأنّي لن أكونَ هنا.. رماداً في سجاراتكْ
ورأساً بينَ آلافِ الرؤوسِ على مخدّاتكْ
وتمثالاً تزيدُ عليهِ في حمّى مزاداتكْ
ونهداً فوقَ مرمرهِ.. تسجّلُ شكلَ بصماتكْ
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّكَ لن تخدّرني.. بجاهكَ أو إماراتكْ
ولنْ تتملّكَ الدنيا.. بنفطكَ وامتيازاتكْ
وبالبترولِ يعبقُ من عباءاتكْ
وبالعرباتِ تطرحُها على قدميْ عشيقاتكْ
بلا عددٍ.. فأينَ ظهورُ ناقاتكْ
وأينَ الوشمُ فوقَ يديكَ.. أينَ ثقوبُ خيماتكْ
أيا متشقّقَ القدمينِ.. يا عبدَ انفعالاتكْ
ويا مَن صارتِ الزوجاتُ بعضاً من هواياتكْ
تكدّسهنَّ بالعشراتِ فوقَ فراشِ لذّاتكْ
تحنّطهنَّ كالحشراتِ في جدرانِ صالاتكْ
متى تفهمْ ؟
متى يا أيها المُتخمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّي لستُ مَن تهتمّْ
بناركَ أو بجنَّاتكْ
وأن كرامتي أكرمْ..
منَ الذهبِ المكدّسِ بين راحاتكْ
وأن مناخَ أفكاري غريبٌ عن مناخاتكْ
أيا من فرّخَ الإقطاعُ في ذرّاتِ ذرّاتكْ
ويا مَن تخجلُ الصحراءُ حتّى من مناداتكْ
متى تفهمْ ؟
تمرّغ يا أميرَ النفطِ.. فوقَ وحولِ لذّاتكْ
كممسحةٍ.. تمرّغ في ضلالاتكْ
لكَ البترولُ.. فاعصرهُ على قدَمي خليلاتكْ
كهوفُ الليلِ في باريسَ.. قد قتلتْ مروءاتكْ
على أقدامِ مومسةٍ هناكَ.. دفنتَ ثاراتكْ
فبتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتكْ
كأنَّ حرابَ إسرائيلَ لم تُجهضْ شقيقاتكْ
ولم تهدمْ منازلنا.. ولم تحرقْ مصاحفنا
ولا راياتُها ارتفعت على أشلاءِ راياتكْ
كأنَّ جميعَ من صُلبوا..
على الأشجارِ.. في يافا.. وفي حيفا..
وبئرَ السبعِ.. ليسوا من سُلالاتكْ
تغوصُ القدسُ في دمها..
وأنتَ صريعُ شهواتكْ
تنامُ.. كأنّما المأساةُ ليستْ بعضَ مأساتكْ
متى تفهمْ ؟
متى يستيقظُ الإنسانُ في ذاتكْ ؟
أنا مع الإرهاب
متهمون نحن بالارهاب ...
ان نحن دافعنا عن الوردة ... والمرأة ...
والقصيدة العصماء ...
وزرقة السماء ...
عن وطن لم يبق في أرجائه ...
ماء ... ولاهواء ...
لم تبق فيه خيمة ... أو ناقة ...
أو قهوة سوداء ...
متهمون نحن بالارهاب ...
ان نحن دافعنا بكل جرأة
عن شعر بلقيس ..
وعن شفاه ميسون ...
وعن هند ... وعن دعد ...
وعن لبنى ... وعن رباب ...
عن مطر الكحل الذى
ينزل كالوحى من الأهداب !!
لن تجدوا فى حوزتى
قصيدة سرية ...
أو لغة سرية ...
أو كتبا سرية أسجنها فى داخل الأبواب
وليس عندى أبدا قصيدة واحدة ...
تسير فى الشارع .. وهى ترتدى الحجاب
متهمون نحن بالارهاب ...
اذا كتبنا عن بقايا وطن ...
مخلع .. مفكك مهترئ
أشلاؤه تناثرت أشلاء ...
عن وطن يبحث عن عنوانه ...
وأمة ليس لها أسماء !
عن وطن .. لم يبق من أشعاره العظيمة الأولى
سوى قصائد الخنساء !!
عن وطن لم يبق فى افاقه
حرية حمراء .. أو زرقاء .. أو صفراء ..
عن وطن .. يمنعنا أن نشترى الجريدة
أو نسمع الأنباء ...
عن وطن كل العصافير به
ممنوعة دوما من الغناء ...
عن وطن ...
كتبه تعودوا أن يكتبوا ...
من شدة الرعب ..
على الهواء !!
عن وطن ..
يشبه حال الشعر فى بلادنا
فهو كلام سائب ...
مرتجل ...
مستورد ...
وأعجمى الوجه واللسان ...
فما له بداية ...
ولا له نهاية
ولا له علاقة بالناس ... أو بالأرض ..
أو بمأزق الانسان !!
عن وطن ...
يمشى الى مفاوضات السلم ..
دونما كرامة .
ودونما حذاء !!!
عن وطن ...
رجاله بالوا على أنفسهم خوفا ...
ولم يبق سوى النساء !!
الملح فى عيوننا ..
والملح .. فى شفاهنا ...
والملح .. فى كلامنا
فهل يكون القحط في نفوسنا ...
ارثا أتانا من بنى قحطان ؟؟
لم يبق فى أمتنا معاوية ...
ولا أبوسفيان ...
لم يبق من يقول (لا) ...
فى وجه من تنازلوا
عن بيتنا ... وخبزنا ... وزيتنا ...
وحولوا تاريخنا الزاهى ...
الى دكان !!...
لم يبق فى حياتنا قصيدة ...
ما فقدت عفافها ...
فى مضجع السلطان !!
لقد تعودنا على هواننا ...
ماذا من الانسان يبقى ...
حين يعتاد على الهوان؟؟
ابحث فى دفاتر التاريخ ...
عن أسامة بن منقذ ...
وعقبة بن نافع ...
عن عمر ... عن حمزة ...
عن خالد يزحف نحو الشام ...
أبحث عن معتصم بالله ...
حتى ينقذ النساء من وحشية السبى ...
ومن ألسنة النيران !!
أبحث عن رجال أخر الزمان ..
فلا أرى فى الليل الا قططا مذعورة ...
تخشى على أرواحها ...
من سلطة الفئران !!...
هل العمى القومى ... قد أصابنا؟
أم نحن نشكو من عمى الألوان ؟؟
متهمون نحن بالارهاب ...
اذا رفضنا موتنا ...
بجرافات اسرائيل ...
تنكش فى ترابنا ...
تنكش فى تاريخنا ...
تنكش فى انجيلنا ...
تنكش فى قرآننا! ...
تنكش فى تراب أنبيائنا ...
ان كان هذا ذنبنا
ما أجمل الارهاب ...
متهمون نحن بالارهاب ...
... اذا رفضنا محونا
على يد المغول .. واليهود .. والبرابرة ...
اذا رمينا حجرا ...
على زجاج مجلس الأمن الذى
استولى عليه قيصر القياصرة ...
.... متهمون نحن بالارهاب
.. اذا رفضنا أن نفاوض الذئب
.. وأن نمد كفنا ل..
أميركا ...
ضد ثقافات البشر ..
وهى بلا ثقافة ...
ضد حضارات الحضر ...
وهى بلا حضارة ..
أميركا ..
بناية عملاقة
ليس لها حيطان ...
متهمون نحن بالارهاب
اذا رفضنا زمنا
صارت به أميركا
المغرورة ... الغنية ... القوية
مترجما محلفا ...
للغة العبرية ...
... متهمون نحن بالارهاب
واذا رمينا وردة ..
للقدس ..
للخليل ..
أو لغزة ..
والناصرة ..
اذا حملنا الخبز والماء
الى طروادة المحاصرة
متهمون نحن بالارهاب
اذا رفعنا صوتنا
ضد الشعوبيين من قادتنا
وكل من غيروا سروجهم
وانتقلوا من وحدويين الى سماسرة
متهمون نحن بالارهاب
اذا اقترفنا مهنة الثقافة
اذا قرأنا كتابا في الفقه والسياسة
اذا ذكرنا ربنا تعالى
اذا تلونا ( سورة الفتح)
وأصغينا الى خطبة الجمعة
فنحن ضالعون في الارهاب
متهمون نحن بالارهاب
ان نحن دافعنا عن الارض
وعن كرامــــــة التــراب
اذا تمردنا على اغتصاب الشعب ..
واغتصابنا ...
اذا حمينا آخر النخيل فى صحرائنا ...
وآخر النجوم فى سمائنا
وآخر الحروف فى اسمآئنا ...
وآخر الحليب فى أثداء أمهاتنا ..
..... ان كان هذا ذنبنا
فما اروع الارهــــــــاب!!
أنا مع الإرهاب...
ان كان يستطيع أن ينقذنى
من المهاجرين من روسيا ..
ورومانيا، وهنغاريا، وبولونيا ..
وحطوا فى فلسطين على أكتافنا ...
ليسرقوا مآذن القدس ...
وباب المسجد الأقصى ...
ويسرقوا النقوش .. والقباب ...
أنا مع الارهاب ..
ان كان يستطيع أن يحرر المسيح ..
ومريم العذراء .. والمدينة المقدسة ..
من سفراء الموت والخراب ..
بالأمس
كان الشارع القومى فى بلادنا
يصهل كالحصان ...
وكانت الساحات أنهارا تفيض عنفوان ...
... وبعد أوسلو
لم يعد فى فمنا أسنان ...
فهل تحولنا الى شعب من العميان والخرسان؟؟
أنا مع الارهاب ..
اذا كان يستطيع ان يحرر الشعب
من الطغاة والطغيان
وينقذ الانسان من وحشية الانسان
أنا مع الإرهاب
ان كان يستطيع ان ينقذني
من قيصر اليهود
او من قيصر الرومان
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد ..
مقتسما ما بين أمريكا .. واسرائيل ..
بالمناصفة !!!
أنا مع الإرهاب
بكل ما املك من شعر ومن نثر ومن انياب
ما دام هذا العالم الجديـــد
!! بيـن يدي قصــــــاب
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد
قد صنفنا
من فئة الذئاب !!
أنا مع الإرهاب
ان كان مجلس الشيوخ في أميركا
هو الذى فى يده الحساب ...
وهو الذي يقرر الثواب والعقـــــــاب
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العـالم الجديد
يكــــره في أعمـاقه
رائحــة الأعــراب
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يريد ذبح أطفالي
ويرميهم للكلاب
من أجل هذا كله
أرفــــع صوتـي عاليا
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
حب بلا حدود -1-
يا سيِّدتي:
كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العامْ.
أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ
بعد ولادة هذا العامْ..
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.
أنتِ امرأةٌ..
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..
ومن ذهب الأحلامْ..
أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ..
-2-
يا سيِّدتي:
يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا أنهاراً من نهوندٍ..
يا غاباتِ رخام..
يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..
وتسكنُ في العينينِ **ربِ حمامْ.
لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..
-3-
يا سيِّدتي:
لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ.
أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ.
سوف أحِبُّكِ..
عند د*** القرن الواحد والعشرينَ..
وعند د*** القرن الخامس والعشرينَ..
وعند د*** القرن التاسع والعشرينَ..
و سوفَ أحبُّكِ..
حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..
وتحترقُ الغاباتْ..
-4-
يا سيِّدتي:
أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..
ووردةُ كلِّ الحرياتْ.
يكفي أن أتهجى إسمَكِ..
حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..
وفرعون الكلماتْ..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..
حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..
وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..
-5-
يا سيِّدتي
لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ.
لَن يتغيرَ شيءٌ منّي.
لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ.
لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ.
لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ.
حين يكون الحبُ كبيراً..
والمحبوبة قمراً..
لن يتحول هذا الحُبُّ
لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ...
-6-
يا سيِّدتي:
ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني
لا الأضواءُ..
ولا الزيناتُ..
ولا أجراس العيد..
ولا شَجَرُ الميلادْ.
لا يعني لي الشارعُ شيئاً.
لا تعني لي الحانةُ شيئاً.
لا يعنيني أي كلامٍ
يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.
-7-
يا سيِّدتي:
لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ
حين تدقُّ نواقيس الآحادْ.
لا أتذكرُ إلا عطرُكِ
حين أنام على ورق الأعشابْ.
لا أتذكر إلا وجهُكِ..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..
وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..
-8-
ما يُفرِحُني يا سيِّدتي
أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ
بين بساتينِ الأهدابْ...
-9-
ما يَبهرني يا سيِّدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ..
أعانقُهُ..
وأنام سعيداً كالأولادْ...
-10-
يا سيِّدتي:
ما أسعدني في منفاي
أقطِّرُ ماء الشعرِ..
وأشرب من خمر الرهبانْ
ما أقواني..
حين أكونُ صديقاً
للحريةِ.. والإنسانْ...
-11-
يا سيِّدتي:
كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ..
وفي عصر التصويرِ..
وفي عصرِ الرُوَّادْ
كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً
في فلورنسَا.
أو قرطبةٍ.
أو في الكوفَةِ
أو في حَلَبٍ.
أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ...
-12-
يا سيِّدتي:
كم أتمنى لو سافرنا
نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ
حيث الحبُّ بلا أسوارْ
والكلمات بلا أسوارْ
والأحلامُ بلا أسوارْ
-13-
يا سيِّدتي:
لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي
سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ..
وأعنفَ مما كانْ..
أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ..
وفي تاريخِ الشعْرِ..
وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ...
-14-
يا سيِّدةَ العالَمِ
لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ
أنتِ امرأتي الأولى.
أمي الأولى
رحمي الأولُ
شَغَفي الأولُ
شَبَقي الأوَّلُ
طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ...
-15-
يا سيِّدتي:
يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى
هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..
هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..
كي أستوطنَ فيها..
قولي أيَّ عبارة حُبٍّ
حتى تبتدئَ الأعيادْ
سبتمبر
الشعر يأتي دائما
مع المطر.
و وجهك الجميل يأتي دائماً
مع المطر.
و الحب لا يبدأ إلا عندما
تبدأ موسيقى المطر..
***
إذا أتى أيلول يا حبيبتي
أسأل عن عينيك كل غيمة
كأن حبي لك
مربوط بتوقيت المطر…
***
مشاهد الخريف تستفزني.
شحوبك الجميل يستفزني.
و الشفة المشقوقة الزرقاء.. تستفزني.
و الحلق الفضي في الأذنين ..يستفزني.
و كنزة الكشمير..
و المظلة الصفراء و الخضراء..تستفزني.
جريدة الصباح..
مثل امرأة كثيرة الكلام تستفزني.
رائحة القهوة فوق الورق اليابس..
تستفزني..
فما الذي أفعله ؟
بين اشتعال البرق في أصابعي..
و بين أقوال المسيح المنتظر؟
***
ينتابني في أول الخريف
إحساس غريب بالأمان و الخطر..
أخاف أن تقتربي..
أخاف أن تبتعدي..
أخشى على حضارة الرخام من أظافري..
أخشى على منمنمات الصدف الشامي من مشاعري..
أخاف أن يجرفني موج القضاء و القدر..
***
هل شهر أيلول الذي يكتبني؟
أم أن من يكتبني هو المطر؟؟
***
أنت جنون شتوي نادر..
يا ليتني أعرف يا سيدتي
علاقة الجنون بالمطر!!
***
سيدتي
التي تمر كالدهشة في أرض البشر..
حاملة في يدها قصيدة..
و في اليد الأخرى قمر..
***
يا امرأة أحبها..
تفجر الشعر إذا داست على أي حجر..
يا امرأة تحمل في شحوبها
جميع أحزان الشجر..
ما أجمل المنفى إذا كنا معاً..
يا امرأة توجز تاريخي..
و تاريخ المطر!!.
قانا
1
وجه قانا شاحب اللون كما وجه يسوع.
و هواء البحر في نيسان,
أمطار دماء, و دموع…
2
دخلوا قانا على أجسادنا
يرفعون العلم النازي في أرض الجنوب.
و يعيدون فصول المحرقة..
هتلر أحرقهم في غرف الغاز
و جاؤوا بعده كي يحرقونا..
هتلر هجرهم من شرق أوروبا..
و هم من أرضنا قد هجرونا.
هتلر لم يجد الوقت لكي يمحقهم
و يريح الأرض منهم..
فأتوا من بعده ..كي يمحقونا!!.
3
دخلوا قانا..كأفواج ذئاب جائعة.
يشعلون النار في بيت المسيح.
و يدوسون على ثوب الحسين..
و على أرض الجنوب الغالية..
4
قصفوا الحنطة, و الزيتون, و التبغ,
و أصوات البلابل..
قصفوا قدموس في مركبه..
قصفوا البحر..و أسراب النوارس..
قصفوا حتى المشافي..و النساء المرضعات..
و تلاميذ المدارس.
قصفوا سحر الجنوبيات
و اغتالوا بساتين العيون العسلية!..
5
….و رأينا الدمع في جفن علي.
و سمعنا صوته و هو يصلي
تحت أمطار سماء دامية..
6
كل من يكتب عن تاريخ (قانا)
سيسميها على أوراقه:
(كربلاء الثانية)!!.
7
كشفت قانا الستائر..
و رأينا أميركا ترتدي معطف حاخام يهودي عتيق..
و تقود المجزرة..
تطلق النار على أطفالنا دون سبب..
و على زوجاتنا دون سبب.
و على أشجارنا دون سبب.
و على أفكارنا دون سبب.
فهل الدستور في سيدة العالم..
بالعبري مكتوب..لإذلال العرب؟؟
8
هل على كل رئيس حاكم في أمريكا؟
إن أراد الفوز في حلم الرئاسة..
قتلنا, نحن العرب؟
9
انتظرنا عربي واحداً.
يسحب الخنجر من رقبتنا..
انتظرنا هاشميا واحداً..
انتظرنا قريشياً واحداً..
دونكشوتاً واحداً..
قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربه…
انتظرنا خالداً..أو طارقاً..أو عنترة..
فأكلنا ثرثرة و شربنا ثرثرة..
أرسلوا فا**ا إلينا..استلمنا نصه
بعد تقديم التعازي و انتهاء المجزرة!!.
10
ما الذي تخشاه إسرائيل من صرخاتنا؟
ما الذي تخشاه من (فا**اتنا)؟
فجهاد الفا** من أبسط أنواع الجهاد..
فهو نص واحد نكتبه
لجميع الشهداء الراحلين.
و جميع الشهداء القادمين!!.
11
ما الذي تخشاه إسرائيل من ابن المقفع؟
و جرير ..و الفرذدق؟
و من الخنساء تلقي شعرها عند باب المقبرة..
ما الذي تخشاه من حرق الإطارات..
و توقيع البيانات..و تحطيم لمتاجر..
و هي تدري أننا لم نكن يوما ملوك الحرب..
بل كنا ملوك الثرثرة…
12
ما الذي تخشاه من قرقعة الطبل..
و من شق الملاءات..و من لطم الخدود؟
ما الذي تخشاه من أخبار عاد و ثمود؟؟
13
نحن في غيبوبة قومية
ما استلمنا منذ أيام الفتوحات بريدا…
14
نحن شعب من عجين.
كلما تزداد إسرائيل إرهابا و قتلا..
نحن نزداد ارتخاء ..و برودا..
15
وطن يزداد ضيقاً.
لغة قطرية تزداد قبحاً.
وحدة خضراء تزداد انفصالاً.
و حدود كلما شاء الهوى تمحو حدودا!!
16
كيف إسرائيل لا تذبحنا ؟
كيف لا تلغي هشاما, و زياداً, و الرشيدا؟
و بنو تغلب مشغولون في نسوانهم..
و بنوا مازن مشغولون في غلمانهم..
و بنو هاشم يرمون السراويل على أقدامها..
و يبيحون شفاها ..و نهودا!!.
17
ما الذي تخشاه إسرائيل من بعض العرب
بعد ما صاروا يهودا؟؟
المهرولون
-1-
سقطت آخر جدرانِ الحياءْ.
و فرِحنا.. و رقَصنا..
و تباركنا بتوقيع سلامِ الجُبنَاءْ
لم يعُد يُرعبنا شيئٌ..
و لا يُخْجِلُنا شيئٌ..
فقد يَبسَتْ فينا عُرُوق الكبرياءْ…
-2-
سَقَطَتْ..للمرّةِ الخمسينَ عُذريَّتُنَا..
دون أن نهتَّز.. أو نصرخَ..
أو يرعبنا مرأى الدماءْ..
و دخَلنَا في زَمان الهروَلَة..
و و قفنا بالطوابير, كأغنامٍ أمام المقصلة.
و ركَضنَا.. و لَهثنا..
و تسابقنا لتقبيلِ حذاء القَتَلَة..
-3-
جَوَّعوا أطفالنا خمسينَ عاماً.
و رَموا في آخرِ الصومِ إلينا..
بَصَلَة...
-4-
سَقَطَتْ غرناطةٌ
-للمرّة الخمسينَ- من أيدي العَرَبْ.
سَقَطَ التاريخُ من أيدي العَرَبْ.
سَقَطتْ أعمدةُ الرُوح, و أفخاذُ القبيلَة.
سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البُطُولة.
سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البطولة.
سَقَطتْ إشبيلَة.
سَقَطتْ أنطاكيَه..
سَقَطتْ حِطّينُ من غير قتالً..
سَقَطتْ عمُّوريَة..
سَقَطتْ مريمُ في أيدي الميليشياتِ
فما من رجُلٍ ينقذُ الرمز السماويَّ
و لا ثَمَّ رُجُولَة...
-5-
سَقَطتْ آخرُ محظِّياتنا
في يَدِ الرُومِ, فعنْ ماذا نُدافعْ؟
لم يَعُد في قَصرِنا جاريةٌ واحدةٌ
تصنع القهوةَ و الجِنسَ..
فعن ماذا ندافِعْ؟؟
-6-
لم يَعُدْ في يدِنَا
أندلسٌ واحدةٌ نملكُها..
سَرَقُوا الابوابَ
و الحيطانَ و الزوجاتِ, و الأولادَ,
و الزيتونَ, و الزيتَ
و أحجار الشوارعْ.
سَرَقُوا عيسى بنَ مريَمْ
و هو ما زالَ رضيعاً..
سرقُوا ذاكرةَ الليمُون..
و المُشمُشِ.. و النَعناعِ منّا..
و قَناديلَ الجوامِعْ...
-7-
تَرَكُوا عُلْبةَ سردينٍ بأيدينا
تُسمَّى (غَزَّةً)..
عَظمةً يابسةً تُدعى (أَريحا)..
فُندقاً يُدعى فلسطينَ..
بلا سقفٍ لا أعمدَةٍ..
تركوُنا جَسَداً دونَ عظامٍ
و يداً دونَ أصابعْ...
-8-
لم يَعُد ثمّةَ أطلال لكي نبكي عليها.
كيف تبكي أمَّةٌ
أخَذوا منها المدامعْ؟؟
-9-
بعد هذا الغَزَلِ السِريِّ في أوسلُو
خرجنا عاقرينْ..
وهبونا وَطناً أصغر من حبَّةِ قمحٍ..
وطَناً نبلعه من غير ماءٍ
كحبوب الأسبرينْ!!..
-10-
بعدَ خمسينَ سَنَةْ..
نجلس الآنَ, على الأرضِ الخَرَابْ..
ما لنا مأوى
كآلافِ الكلاب!!.
-11-
بعدَ خمسينَ سنةْ
ما وجدْنا وطناً نسكُنُه إلا السرابْ..
ليس صُلحاً,
ذلكَ الصلحُ الذي أُدخِلَ كالخنجر فينا..
إنه فِعلُ إغتصابْ!!..
-12-
ما تُفيدُ الهرولَةْ؟
ما تُفيدُ الهَرولة؟
عندما يبقى ضميرُ الشَعبِ حِيَّاً
كفَتيلِ القنبلة..
لن تساوي كل توقيعاتِ أوسْلُو..
خَردلَة!!..
-13-
كم حَلمنا بسلامٍ أخضرٍ..
و هلالٍ أبيضٍ..
و ببحرٍ أزرقٍ.. و قلوع مرسلَة..
و وجدنا فجأة أنفسَنا.. في م**لَة!!.
-14-
مَنْ تُرى يسألهمْ عن سلام الجبناءْ؟
لا سلام الأقوياء القادرينْ.
من ترى يسألهم
عن سلام البيع بالتقسيطِ..
و التأجير بالتقسيطِ..
و الصَفْقاتِ..
و التجارِ و المستثمرينْ؟.
من ترى يسألهُم
عن سلام الميِّتين؟
أسكتوا الشارعَ
و اغتالوا جميع الأسئلة..
و جميع السائلينْ...
-15-
... و تزوَّجنا بلا حبٍّ..
من الأنثى التي ذاتَ يومٍ أكلت أولادنا..
مضغتْ أكبادنا..
و أخذناها إلى شهرِ العسلْ..
و سكِرْنا.. و رقصنا..
و استعدنا كلَّ ما نحفظ من شِعر الغزَلْ..
ثم أنجبنا, لسوء الحظِّ, أولاد معاقينَ
لهم شكلُ الضفادعْ..
و تشَّردنا على أرصفةِ الحزنِ,
فلا ثمة بَلَدٍ نحضُنُهُ..
أو من وَلَدْ!!
-16-
لم يكن في العرسِ رقصٌ عربي.ٌّ
أو طعامٌ عربي.ٌّ
أو غناءٌ عربي.ٌّ
أو حياء عربي.ٌّ ٌ
فلقد غاب عن الزفَّةِ أولاد البَلَدْ..
-17-
كان نصفُ المَهرِ بالدولارِ..
كان الخاتمُ الماسيُّ بالدولارِ..
كانت أُجرةُ المأذون بالدولارِ..
و الكعكةُ كانتْ هبةً من أمريكا..
و غطاءُ العُرسِ, و الأزهارُ, و الشمعُ,
و موسيقى المارينزْ..
كلُّها قد صُنِعَتْ في أمريكا!!.
-18-
و انتهى العُرسُ..
و لم تحضَرْ فلسطينُ الفَرحْ.
بل رأتْ صورتها مبثوثةً عبر كلِّ الأقنية..
و رأت دمعتها تعبرُ أمواجَ المحيطْ..
نحو شيكاغو.. و جيرسي..و ميامي..
و هيَ مثلُ الطائرِ المذبوحِ تصرخْ:
ليسَ هذا الثوبُ ثوبي..
ليس هذا العارُ عاري..
أبداً..يا أمريكا..
أبداً..يا أمريكا..
أبداً..يا أمريكا..
لا بد أن أستأذن الوطن
يا صديقتي
في هذه الأيام يا صديقتي..
تخرج من جيوبنا فراشة صيفية تدعى الوطن.
تخرج من شفاهنا عريشة شامية تدعى الوطن.
تخرج من قمصاننا
مآذن... بلابل ..جداول ..قرنفل..سفرجل.
عصفورة مائية تدعى الوطن.
أريد أن أراك يا سيدتي..
لكنني أخاف أن أجرح إحساس الوطن..
أريد أن أهتف إليك يا سيدتي
لكنني أخاف أن تسمعني نوافذ الوطن.
أريد أن أمارس الحب على طريقتي
لكنني أخجل من حماقتي
أمام أحزان الوطن
القصيدة الدمشقية
هذي دمشقُ.. وهذي الكأسُ والرّاحُ إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحـبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي لسـالَ منهُ عناقيـدٌ.. وتفـّاحُ
و لو فتحـتُم شراييني بمديتكـم سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ.. تشفي بعضَ من عشقوا وما لقلـبي –إذا أحببـتُ- جـرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني و للمـآذنِ.. كالأشجارِ.. أرواحُ
للياسمـينِ حقـوقٌ في منازلنـا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتـاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنـا فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ و لمـاحُ
هنا جذوري.. هنا قلبي... هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟ هل في العشقِ إيضاحُ؟
كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورَها حتّى أغازلها... والشعـرُ مفتـاحُ
أتيتُ يا شجرَ الصفصافِ معتذراً فهل تسامحُ هيفاءٌ ..ووضّـاحُ؟
خمسونَ عاماً.. وأجزائي مبعثرةٌ.. فوقَ المحيطِ.. وما في الأفقِ مصباحُ
تقاذفتني بحـارٌ لا ضفـافَ لها.. وطاردتني شيـاطينٌ وأشبـاحُ
أقاتلُ القبحَ في شعري وفي أدبي حتى يفتّـحَ نوّارٌ... وقـدّاحُ
ما للعروبـةِ تبدو مثلَ أرملةٍ؟ أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ؟
والشعرُ.. ماذا سيبقى من أصالتهِ؟ إذا تولاهُ نصَّـابٌ ... ومـدّاحُ؟
وكيفَ نكتبُ والأقفالُ في فمنا؟ وكلُّ ثانيـةٍ يأتيـك سـفّاحُ؟
حملت شعري على ظهري فأتعبني ماذا من الشعرِ يبقى حينَ يرتاحُ؟
علمني حبك
علمني حبك ..أن أحزن
و أنا محتاج منذ عصور
لامرأة تجعلني أحزن
لامرأة أبكي بين ذراعيها
مثل العصفور..
لامرأة.. تجمع أجزائي
كشظايا البللور الم**ور
***
علمني حبك.. سيدتي
أسوء عادات
علمني أفتح فنجاني
في الليلة ألاف المرات..
و أجرب طب العطارين..
و أطرق باب العرافات..
علمني ..أخرج من بيتي..
لأمشط أرصفة الطرقات
و أطارد وجهك..
في الأمطار ، و في أضواء السيارات..
و أطارد طيفك..
حتى .. حتى ..
في أوراق الإعلانات ..
علمني حبك..
كيف أهيم على وجهي..ساعات
بحثا عن شعر غجري
تحسده كل الغجريات
بحثا عن وجه ٍ..عن صوتٍ..
هو كل الأوجه و الأصواتْ
***
أدخلني حبكِ.. سيدتي
مدن الأحزانْ..
و أنا من قبلكِ لم أدخلْ
مدنَ الأحزان..
لم أعرف أبداً..
أن الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزنٍ
ذكرى إنسانْ..
***
علمني حبكِ..
أن أتصرف كالصبيانْ
أن أرسم وجهك ..
بالطبشور على الحيطانْ..
و على أشرعة الصيادينَ
على الأجراس..
على الصلبانْ
علمني حبكِ..
كيف الحبُّ يغير خارطة الأزمانْ..
علمني أني حين أحبُّ..
تكف الأرض عن الدورانْ
علمني حبك أشياءً..
ما كانت أبداً في الحسبانْ
فقرأت أقاصيصَ الأطفالِ..
دخلت قصور ملوك الجانْ
و حلمت بأن تتزوجني
بنتُ السلطان..
تلك العيناها .. أصفى من ماء الخلجانْ
تلك الشفتاها.. أشهى من زهر الرمانْ
و حلمت بأني أخطفها
مثل الفرسانْ..
و حلمت بأني أهديها
أطواق اللؤلؤ و المرجانْ..
علمني حبك يا سيدتي, ما الهذيانْ
علمني كيف يمر العمر..
و لا تأتي بنت السلطانْ..
***
علمني حبكِ..
كيف أحبك في كل الأشياءْ
في الشجر العاري..
في الأوراق اليابسة الصفراءْ
في الجو الماطر.. في الأنواءْ..
في أصغر مقهى..
نشرب فيهِ، مساءً، قهوتنا السوداءْ..
علمني حبك أن آوي..
لفنادقَ ليس لها أسماءْ
و كنائس ليس لها أسماءْ
و مقاهٍ ليس لها أسماءْ
علمني حبكِ..
كيف الليلُ يضخم أحزان الغرباءْ..
علمني..كيف أرى بيروتْ
إمرأة..طاغية الإغراءْ..
إمراةً..تلبس كل كل مساءْ
أجمل ما تملك من أزياءْ
و ترش العطر.. على نهديها
للبحارةِ..و الأمراء..
علمني حبك ..
أن أبكي من غير بكاءْ
علمني كيف ينام الحزن
كغلام مقطوع القدمينْ..
في طرق (الروشة) و (الحمراء)..
***
علمني حبك أن أحزنْ..
و أنا محتاج منذ عصور
لامرأة.. تجعلني أحزن
لامرأة.. أبكي بين ذراعيها..
مثل العصفور..
لامرأة تجمع أجزائي..
كشظايا البللور الم**ور..
أحزان في الأندلس
كتبتِ لي يا غاليه..
كتبتِ تسألينَ عن إسبانيه
عن طارقٍ، يفتحُ باسم الله دنيا ثانيه..
عن عقبة بن نافعٍ
يزرع شتلَ نخلةٍ..
في قلبِ كلِّ رابيه..
سألتِ عن أميةٍ..
سألتِ عن أميرها معاويه..
عن السرايا الزاهيه
تحملُ من دمشقَ.. في ركابِها
حضارةً وعافيه..
لم يبقَ في إسبانيه
منّا، ومن عصورنا الثمانيه
غيرُ الذي يبقى من الخمرِ،
بجوف الآنيه..
وأعينٍ كبيرةٍ.. كبيرةٍ
ما زال في سوادها ينامُ ليلُ الباديه..
لم يبقَ من قرطبةٍ
سوى دموعُ المئذناتِ الباكيه
سوى عبيرِ الورود، والنارنج والأضاليه..
لم يبق من ولاّدةٍ ومن حكايا حُبها..
قافيةٌ ولا بقايا قافيه..
لم يبقَ من غرناطةٍ
ومن بني الأحمر.. إلا ما يقول الراويه
وغيرُ "لا غالبَ إلا الله"
تلقاك في كلِّ زاويه..
لم يبقَ إلا قصرُهم
كامرأةٍ من الرخام عاريه..
تعيشُ –لا زالت- على
قصَّةِ حُبٍّ ماضيه..
مضت قرونٌ خمسةٌ
مذ رحلَ "الخليفةُ الصغيرُ" عن إسبانيه
ولم تزل أحقادنا الصغيره..
كما هيَه..
ولم تزل عقليةُ العشيره
في دمنا كما هيه
حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ
مَضت قرونٌ خمسةٌ
ولا تزال لفظةُ العروبه..
كزهرةٍ حزينةٍ في آنيه..
كطفلةٍ جائعةٍ وعاريه
نصلبُها على جدارِ الحقدِ والكراهيه..
مَضت قرونٌ خمسةُ.. يا غاليه
كأننا.. نخرجُ هذا اليومَ من إسبانيه..
أطفالُ الحجاره..
بهروا الدنيا..
وما في يدهم إلا الحجاره..
وأضاؤوا كالقناديلِ، وجاؤوا كالبشاره
قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا..
وبقينا دبباً قطبيةً
صُفِّحت أجسادُها ضدَّ الحراره..
قاتَلوا عنّا إلى أن قُتلوا..
وجلسنا في مقاهينا.. كبصَّاق المحارة
واحدٌ يبحثُ منّا عن تجارة..
واحدٌ.. يطلبُ ملياراً جديداً..
وزواجاً رابعاً..
ونهوداً صقلتهنَّ الحضارة..
واحدٌ.. يبحثُ في لندنَ عن قصرٍ منيفٍ
واحدٌ.. يعملُ سمسارَ سلاح..
واحدٌ.. يطلبُ في الباراتِ ثاره..
واحدٌ.. بيحثُ عن عرشٍ وجيشٍ وإمارة..
آهِ.. يا جيلَ الخياناتِ..
ويا جيلَ العمولات..
ويا جيلَ النفاياتِ
ويا جيلَ الدعارة..
سوفَ يجتاحُكَ –مهما أبطأَ التاريخُ-
أطفالُ الحجاره..
إفادة في محكمة الشعر
مرحباً يا عراقُ، جئتُ أغنّيكَ وبعـضٌ من الغنـاءِ بكـاءُ
مرحباً، مرحباً.. أتعرفُ وجهاً حفـرتهُ الأيّـامُ والأنـواءُ؟
أكلَ الحبُّ من حشاشةِ قلبي والبقايا تقاسمتـها النسـاءُ
كلُّ أحبابي القدامى نسَـوني لا نُوارَ تجيـبُ أو عفـراءُ
فالشفـاهُ المطيّبـاتُ رمادٌ وخيامُ الهوى رماها الـهواءُ
سكنَ الحزنُ كالعصافيرِ قلبي فالأسى خمرةٌ وقلبي الإنـاءُ
أنا جرحٌ يمشي على قدميهِ وخيـولي قد هدَّها الإعياءُ
فجراحُ الحسينِ بعضُ جراحي وبصدري من الأسى كربلاءُ
وأنا الحزنُ من زمانٍ صديقي وقليـلٌ في عصرنا الأصدقاءُ
مرحباً يا عراقُ،كيفَ العباءاتُ وكيفَ المها.. وكيفَ الظباءُ؟
مرحباً يا عراقُ.. هل نسيَتني بعدَ طولِ السنينِ سامـرّاءُ؟
مرحباً يا جسورُ يا نخلُ يا نهرُ وأهلاً يا عشـبُ... يا أفياءُ
كيفَ أحبابُنا على ضفةِ النهرِ وكيفَ البسـاطُ والنـدماءُ؟
كان عندي هـنا أميرةُ حبٍّ ثم ضاعت أميرتي الحسـناءُ
أينَ وجهٌ في الأعظميّةِ حلوٌ لو رأتهُ تغارُ منهُ السـماءُ؟
إنني السندبادُ.. مزّقهُ البحرُ و عـينا حـبيبتي المـيناءُ
مضغَ الموجُ مركبي.. وجبيني ثقبتهُ العواصـفُ الهـوجاءُ
إنَّ في داخلي عصوراً من الحزنِ فهـل لي إلى العـراقِ التجاءُ؟
وأنا العاشـقُ الكبيرُ.. ولكـن ليس تكفي دفاتـري الزرقـاءُ
يا حزيرانُ.ما الذي فعلَ الشعرُ؟ وما الذي أعطـى لنا الشعراءُ؟
الدواوينُ في يدينا طـروحٌ والتعـابيرُ كـلُّها إنـشاءُ
كـلُّ عامٍ نأتي لسوقِ عكاظٍ وعـلينا العمائمُ الخضـراءُ
ونهزُّ الرؤوسَ مثل الدراويشِ ...و بالنار تكتـوي سـيناءُ
كـلُّ عامٍ نأتي.. فهذا جريرٌ يتغنّـى.. وهـذهِ الخـنساءُ
لم نزَل، لم نزَل نمصمصُ قشراً وفلسطـينُ خضّبتها الـدماءُ
يا حزيرانُ.. أنـتَ أكـبرُ منّا وأبٌ أنـتَ مـا لـهُ أبـناءُ
لـو ملكـنا بقيّـةً من إباءٍ لانتخـينا.. لكـننا جـبناءُ
يا عصـورَ المعلّـقاتِ ملَلنا ومن الجسـمِ قد يملُّ الرداءُ
نصفُ أشعارنا نقوشٌ ومـاذا ينفعُ النقشُ حين يهوي البناءُ؟
المقاماتُ لعبةٌ... والحـريريُّ حشيشٌ.. والغولُ والعـنقاءُ
ذبحتنا الفسيفساءُ عصـوراً والدُّمى والزخارفُ البلـهاءُ
نرفضُ الشعرَ كيمياءً وسحراً قتلتنا القصيـدةُ الكيـمياءُ
نرفضُ الشعرَ مسرحاً ملكياً من كراسيهِ يحرمُ البسـطاءُ
نرفضُ الشعرَ أن يكونَ حصاناً يمتطـيهِ الطـغاةُ والأقـوياءُ
نرفضُ الشعـرَ عتمـةً ورموزاً كيف تسطيعُ أن ترى الظلماءُ؟
نرفضُ الشعـرَ أرنباً خشـبيّاً لا طمـوحَ لـهُ ولا أهـواءُ
نرفضُ الشعرَ في قهوةِ الشعر.. دخـانٌ أيّامـهم.. وارتخـاءُ
شعرُنا اليومَ يحفرُ الشمسَ حفراً بيديهِ.. فكلُّ شـيءٍ مُـضاءُ
شعرنا اليومَ هجمةٌ واكتشافٌ لا خطوطَ كوفيّـةً ، وحِداءُ
كلُّ شعرٍ معاصرٍ ليـسَ فيهِ غصبُ العصرِ نملةٌ عـرجاءُ
ما هوَ الشعرُ إن غدا بهلواناً يتسـلّى برقصـهِ الخُـلفاءُ
ما هو الشعرُ.. حينَ يصبحُ فأراً كِسـرةُ الخبزِ –هَمُّهُ- والغِذاءُ
وإذا أصبـحَ المفكِّـرُ بُـوقاً يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ
يُصلبُ الأنبياءُ من أجل رأيٍ فلماذا لا يصلبَ الشعـراءُ؟
الفدائيُّ وحدهُ.. يكتبُ الشعرَ و كـلُّ الذي كتبناهُ هـراءُ
إنّهُ الكاتـبُ الحقيقيُّ للعصـرِ ونـحنُ الحُـجَّابُ والأجـراءُ
عنـدما تبدأُ البنادقُ بالعـزفِ تمـوتُ القصـائدُ العصـماءُ
ما لنا؟ مالنا نلـومُ حـزيرانَ و في الإثمِ كـلُّنا شـركاءُ؟
من هم الأبرياءُ؟ نحنُ جميـعاً حامـلو عارهِ ولا اسـتثناءُ
عقلُنا، فكرُنا، هزالُ أغانينا رؤانا، أقوالُـنا الجـوفـاءُ
نثرُنا، شعرُنا، جرائدُنا الصفراء والحـبرُ والحـروفُ الإمـاءُ
البطـولاتُ موقفٌ مسرحيٌّ ووجـوهُ الممثلـينَ طـلاءُ
وفلسـطينُ بينهم كمـزادٍ كلُّ شـارٍ يزيدُ حين يشـاءُ
وحدويّون! والبلادُ شـظايا كـلُّ جزءٍ من لحمها أجزاءُ
مار**يّونَ! والجماهيرُ تشقى فلماذا لا يشبـعُ الفقـراءُ؟
قرشيّونَ! لـو رأتهم قريـشٌ لاستجارت من رملِها البيداءُ
لا يمـينٌ يجيرُنا أو يسـارٌ تحتَ حدِّ السكينِ نحنُ سواءُ
لو قرأنا التاريخَ ما ضاعتِ القدسُ وضاعت من قبـلها "الحمـراءُ"..
يا فلسطينُ، لا تزالينَ عطـشى وعلى الزيتِ نامتِ الصحـراءُ
العباءاتُ.. كلُّها من حريـرٍ واللـيالي رخيصـةٌ حمـراءُ
يا فلسطينُ، لا تنادي عليهم قد تساوى الأمواتُ والأحياءُ
قتلَ النفطُ ما بهم من سجايا ولقد يقتـلُ الثـريَّ الثراءُ
يا فلسطينُ، لا تنادي قريشاً فقريشٌ ماتـت بها الخيَـلاءُ
لا تنادي الرجالَ من عبدِ شمسٍ لا تنادي.. لم يبـقَ إلا النساءُ
ذروةُ الموتِ أن تموتَ المروءاتُ ويمشـي إلى الـوراءِ الـوراءُ
مرَّ عامـانِ والغزاةُ مقيمـونَ و تاريـخُ أمـتي... أشـلاءُ
مـرَّ عامانِ.. والمسيـحُ أسيرٌ في يديهم.. و مـريمُ العـذراءُ
مرَّ عامـانِ.. والمآذنُ تبكـي و النواقيـسُ كلُّها خرسـاءُ
أيُّها الراكعونَ في معبدِ الحرفِ كـفانا الـدوارُ والإغـماءُ
مزِّقوا جُبَّةَ الدراويشِ عـنكم واخلعوا الصوفَ أيُّها الأتقياءُ
اتركـوا أولياءَنا بسـلامٍ أيُّ أرضٍ أعادها الأولياءُ؟
في فمي يا عراقُ.. مـاءٌ كـثيرٌ كيفَ يشكو من كانَ في فيهِ ماءُ؟
زعموا أنني طـعنتُ بـلادي وأنا الحـبُّ كـلُّهُ والـوفاءُ
أيريدونَ أن أمُـصَّ نـزيفي؟ لا جـدارٌ أنا و لا ببـغاءُ!
أنـا حريَّتي... فإن سـرقوها تسقطِ الأرضُ كلُّها والسماءُ
ما احترفتُ النِّفاقَ يوماً وشعري مـا اشتـراهُ الملـوكُ والأمراءُ
كلُّ حرفٍ كتبتهُ كانَ سـيفاً عـربيّاً يشـعُّ منهُ الضـياءُ
وقليـلٌ من الكـلامِ نقـيٌّ وكـثيرٌ من الكـلامِ بغـاءُ
كم أُعاني مما كتبـتُ عـذاباً ويعاني في شـرقنا الشـرفاءُ
وجعُ الحرفِ رائعٌ.. أوَتشكو للـبسـاتينِ وردةٌ حمـراءُ؟
كلُّ من قاتلوا بحرفٍ شجاعٍ ثم ماتـوا.. فإنـهم شهداءُ
لا تعاقب يا ربِّ من رجموني واعفُ عنهم لأنّـهم جهلاءُ
إن حبّي للأرضِ حبٌّ بصيرٌ وهواهم عواطـفٌ عمياءُ
إن أكُن قد كويتُ لحمَ بلادي فمن الكيِّ قد يجـيءُ الشفاءُ
من بحارِ الأسى، وليلِ اليتامى تطلـعُ الآنَ زهـرةٌ بيضاءُ
ويطلُّ الفداءُ شمـساً عـلينا ما عسانا نكونُ.. لولا الفداءُ
من جراحِ المناضلينَ.. وُلدنا ومنَ الجرحِ تولدُ الكـبرياءُ
قبلَهُم، لم يكن هـناكَ قبـلٌ ابتداءُ التاريخِ من يومِ جاؤوا
هبطوا فوقَ أرضـنا أنبياءً بعد أن ماتَ عندنا الأنبياءُ
أنقذوا ماءَ وجهنا يومَ لاحوا فأضاءت وجوهُنا السوداءُ
منحونا إلى الحـياةِ جـوازاً لم تكُـن قبلَهم لنا أسمـاءُ
أصدقاءُ الحروفِ لا تعذلوني إن تفجّرتُ أيُّها الأصـدقاءُ
إنني أخزنُ الرعودَ بصدري مثلما يخزنُ الرعودَ الشتاءُ
أنا ما جئتُ كي أكونَ خطيباً فبلادي أضاعَـها الخُـطباءُ
إنني رافضٌ زماني وعصـري ومن الـرفضِ تولدُ الأشـياءُ
أصدقائي.. حكيتُ ما ليسَ يُحكى و شـفيعي... طـفولتي والنـقاءُ
إنني قـادمٌ إليكـم.. وقلـبي فـوقَ كـفّي حمامـةٌ بيضـاءُ
إفهموني.. فما أنا غـيرُ طـفلٍ فـوقَ عينيهِ يسـتحمُّ المـساءُ
أنا لا أعرفُ ازدواجيّةَ الفكرِ فنفسـي.. بحـيرةٌ زرقـاءُ
لبلادي شعري.. ولستُ أبالي رفصتهُ أم باركتـهُ السـماءُ
الحاكم والعصفور
أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
لأقرأَ شعري للجمهورْ
فأنا مقتنعٌ
أنَّ الشعرَ رغيفٌ يُخبزُ للجمهورْ
وأنا مقتنعٌ – منذُ بدأتُ –
بأنَّ الأحرفَ أسماكٌ
وبأنَّ الماءَ هوَ الجمهورْ
أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
وليسَ معي إلا دفترْ
يُرسلني المخفرُ للمخفرْ
يرميني العسكرُ للعسكرْ
وأنا لا أحملُ في جيبي إلا عصفورْ
لكنَّ الضابطَ يوقفني
ويريدُ جوازاً للعصفورْ
تحتاجُ الكلمةُ في وطني
لجوازِ مرورْ
أبقى ملحوشاً ساعاتٍ
منتظراً فرمانَ المأمورْ
أتأمّلُ في أكياسِ الرملِ
ودمعي في عينيَّ بحورْ
وأمامي كانتْ لافتةٌ
تتحدّثُ عن (وطنٍ واحدْ)
تتحدّثُ عن (شعبٍ واحدْ)
وأنا كالجُرذِ هنا قاعدْ
أتقيأُ أحزاني..
وأدوسُ جميعَ شعاراتِ الطبشورْ
وأظلُّ على بابِ بلادي
مرميّاً..
كالقدحِ الم**ور
هوامش على دفتر الن**ة
أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه
والكتبَ القديمه
أنعي لكم..
كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..
ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه
أنعي لكم.. أنعي لكم
نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه
2
مالحةٌ في فمِنا القصائد
مالحةٌ ضفائرُ النساء
والليلُ، والأستارُ، والمقاعد
مالحةٌ أمامنا الأشياء
3
يا وطني الحزين
حوّلتَني بلحظةٍ
من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين
لشاعرٍ يكتبُ بالسكين
4
لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا
لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا
5
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ
6
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخمُ من أصواتنا
وسيفُنا أطولُ من قاماتنا
7
خلاصةُ القضيّهْ
توجزُ في عبارهْ
لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ
والروحُ جاهليّهْ...
8
بالنّايِ والمزمار..
لا يحدثُ انتصار
9
كلّفَنا ارتجالُنا
خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ
10
لا تلعنوا السماءْ
إذا تخلّت عنكمُ..
لا تلعنوا الظروفْ
فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ
وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ
11
يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ
يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..
12
ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا
وإنما..
تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا
13
خمسةُ آلافِ سنهْ..
ونحنُ في السردابْ
ذقوننا طويلةٌ
نقودنا مجهولةٌ
عيوننا مرافئُ الذبابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن ت**روا الأبوابْ
أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..
أن تكتبوا كتابْ
أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ
أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ
فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ
الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...
14
جلودُنا ميتةُ الإحساسْ
أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ
أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ
هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...
15
كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري
أن يستحيلَ خنجراً..
من لهبٍ ونارِ..
لكنهُ..
واخجلةَ الأشرافِ من قريشٍ
وخجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ
يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...
16
نركضُ في الشوارعِ
نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..
نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ
نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..
نمدحُ كالضفادعِ
نشتمُ كالضفادعِ
نجعلُ من أقزامنا أبطالا..
نجعلُ من أشرافنا أنذالا..
نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..
نقعدُ في الجوامعِ..
تنابلاً.. كُسالى
نشطرُ الأبياتَ، أو نؤلّفُ الأمثالا..
ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..
من عندهِ تعالى...
17
لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..
لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ
قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ
كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي
ومخبروكَ دائماً ورائي..
عيونهم ورائي..
أنوفهم ورائي..
أقدامهم ورائي..
كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ
يستجوبونَ زوجتي
ويكتبونَ عندهم..
أسماءَ أصدقائي..
يا حضرةَ السلطانْ
لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ
لأنني..
حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي
ضُربتُ بالحذاءِ..
أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي
يا سيّدي..
يا سيّدي السلطانْ
لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ
لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ
ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟
لأنَّ نصفَ شعبنا..
محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..
في داخلِ الجدرانْ..
لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ
من عسكرِ السلطانْ..
قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..
لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..
18
لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ
لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ
لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ
لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..
19
نريدُ جيلاً غاضباً..
نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ
وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..
وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ
نريدُ جيلاً قادماً..
مختلفَ الملامحْ..
لا يغفرُ الأخطاءَ.. لا يسامحْ..
لا ينحني..
لا يعرفُ النفاقْ..
نريدُ جيلاً..
رائداً..
عملاقْ..
20
يا أيُّها الأطفالْ..
من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سي**رُ الأغلالْ
ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..
ويقتلُ الخيالْ..
يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ
وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ
لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ
فنحنُ خائبونْ..
ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ
ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ.. كالنعالْ
لا تقرؤوا أخبارَنا
لا تقتفوا آثارنا
لا تقبلوا أفكارنا
فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ
ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ
يا أيها الأطفالْ:
يا مطرَ الربيعِ.. يا سنابلَ الآمالْ
أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ...
لا تسـألوني
لا تسـألوني... ما اسمهُ حبيبي أخشى عليكمْ.. ضوعةَ الطيوبِ
زقُّ العـبيرِ.. إنْ حـطّمتموهُ غـرقتُمُ بعاطـرٍ سـكيبِ
والله.. لو بُحـتُ بأيِّ حرفٍ تكدَّسَ الليـلكُ في الدروبِ
لا تبحثوا عنهُ هُـنا بصدري تركتُهُ يجـري مع الغـروبِ
ترونَهُ في ضـحكةِ السواقي في رفَّةِ الفـراشةِ اللعوبِ
في البحرِ، في تنفّسِ المراعي وفي غـناءِ كلِّ عندليـبِ
في أدمعِ الشتاءِ حينَ يبكي وفي عطاءِ الديمةِ السكوبِ
لا تسألوا عن ثغرهِ.. فهلا رأيتـمُ أناقةَ المغيـبِ
ومُـقلتاهُ شاطـئا نـقاءٍ وخصرهُ تهزهزُ القـضيبِ
محاسنٌ.. لا ضمّها كتابٌ ولا ادّعتها ريشةُ الأديبِ
وصدرهُ.. ونحرهُ.. كفاكمْ فلن أبـوحَ باسمهِ حبيبي
كقُرص أسبرين
ليسَ هذا وطني الكبير
لا..
ليسَ هذا الوطنُ المربّعُ الخاناتِ كالشطرنجِ..
والقابعُ مثلَ نملةٍ في أسفلِ الخريطة..
هوَ الذي قالّ لنا مدرّسُ التاريخِ في شبابنا
بأنهُ موطننا الكبير.
لا..
ليسَ هذا الوطنُ المصنوعُ من عشرينَ كانتوناً..
ومن عشرينَ دكاناً..
ومن عشرينَ صرّافاً..
وحلاقاً..
وشرطياً..
وطبّالاً.. وراقصةً..
يسمّى وطني الكبير..
لا..
ليسَ هذا الوطنُ السّاديُّ.. والفاشيُّ
والشحّاذُ.. والنفطيُّ
والفنّانُ.. والأميُّ
والثوريُّ.. والرجعيُّ
والصّوفيُّ.. والجنسيُّ
والشيطانُ.. والنبيُّ
والفقيهُ، والحكيمُ، والإمام
هوَ الذي كانَ لنا في سالفِ الأيّام
حديقةَ الأحلام..
لا...
ليسَ هذا الجسدُ المصلوبُ
فوقَ حائطِ الأحزانِ كالمسيح
لا...
ليسَ هذا الوطنُ الممسوخُ كالصرصار،
والضيّقُ كالضريح..
لا..
ليسَ هذا وطني الكبير
لا...
ليسَ هذا الأبلهُ المعاقُ.. والمرقّعُ الثيابِ،
والمجذوبُ، والمغلوبُ..
والمشغولُ في النحوِ وفي الصرفِ..
وفي قراءةِ الفنجانِ والتبصيرِ..
لا...
ليسَ هذا وطني الكبير
لا...
ليسَ هذا الوطنُ المنكَّسُ الأعلامِ..
والغارقُ في مستنقعِ الكلامِ،
والحافي على سطحٍ من الكبريتِ والقصدير
لا...
ليسَ هذا الرجلُ المنقولُ في سيّارةِ الإسعافِ،
والمحفوظُ في ثلّاجةِ الأمواتِ،
والمعطّلُ الإحساسِ والضمير
لا...
ليسَ هذا وطني الكبير
لا..
ليسَ هذا الرجلُ المقهورُ..
والم**ورُ..
والمذعورُ كالفأرةِ..
والباحثُ في زجاجةِ الكحولِ عن مصير
لا...
ليسَ هذا وطني الكبير..
يا وطني:
يا أيّها الضائعُ في الزمانِ والمكانِ،
والباحثُ في منازلِ العُربان..
عن سقفٍ، وعن سرير
لقد كبرنا.. واكتشفنا لعبةَ التزوير
فالوطنُ المن أجلهِ ماتَ صلاحُ الدين
يأكلهُ الجائعُ في سهولة
كعلبةِ السردين..
والوطنُ المن أجلهِ قد غنّت الخيولُ في حطّين
يبلعهُ الإنسانُ في سهولةٍ..
كقُرص أسبرين!!..
القدس
بكيت.. حتى انتهت الدموع
صليت.. حتى ذابت الشموع
ركعت.. حتى ملّني الركوع
سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع
يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء
يا قدسُ، يا منارةَ الشرائع
يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع
حزينةٌ عيناكِ، يا مدينةَ البتول
يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول
حزينةٌ حجارةُ الشوارع
حزينةٌ مآذنُ الجوامع
يا قُدس، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد
من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة؟
صبيحةَ الآحاد..
من يحملُ الألعابَ للأولاد؟
في ليلةِ الميلاد..
يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان
يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان
من يوقفُ العدوان؟
عليكِ، يا لؤلؤةَ الأديان
من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران؟
من ينقذُ الإنجيل؟
من ينقذُ القرآن؟
من ينقذُ المسيحَ ممن قتلوا المسيح؟
من ينقذُ الإنسان؟
يا قدسُ.. يا مدينتي
يا قدسُ.. يا حبيبتي
غداً.. غداً.. سيزهر الليمون
وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون
وتضحكُ العيون..
وترجعُ الحمائمُ المهاجرة..
إلى السقوفِ الطاهره
ويرجعُ الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة..
يا بلدي..
يا بلد السلام والزيتون
غرناطة
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في حجريهما تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
هل أنت إسبانـية؟ ساءلـتها قالت: وفي غـرناطة ميلادي
غرناطة؟ وصحت قرون سبعة في تينـك العينين.. بعد رقاد
وأمـية راياتـها مرفوعـة وجيـادها موصـولة بجيـاد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني لحفيـدة سـمراء من أحفادي
وجه دمشـقي رأيت خـلاله أجفان بلقيس وجيـد سعـاد
ورأيت منـزلنا القديم وحجرة كانـت بها أمي تمد وسـادي
واليـاسمينة رصعـت بنجومها والبركـة الذهبيـة الإنشـاد
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها في شعـرك المنساب ..نهر سواد
في وجهك العربي، في الثغر الذي ما زال مختـزناً شمـوس بلادي
في طيب "جنات العريف" ومائها في الفل، في الريحـان، في الكباد
سارت معي.. والشعر يلهث خلفها **نابـل تركـت بغيـر حصاد
يتألـق القـرط الطـويل بجيدها مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..
ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي وورائي التاريـخ كـوم رمـاد
الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها والزركشات على السقوف تنادي
قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت أن الـذين عـنتـهم أجـدادي
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها رجلاً يسمـى "طـارق بن زياد"
طريق واحد
أريدُ بندقيّه..
خاتمُ أمّي بعتهُ
من أجلِ بندقيه
محفظتي رهنتُها
من أجلِ بندقيه..
اللغةُ التي بها درسنا
الكتبُ التي بها قرأنا..
قصائدُ الشعرِ التي حفظنا
ليست تساوي درهماً..
أمامَ بندقيه..
أصبحَ عندي الآنَ بندقيه..
إلى فلسطينَ خذوني معكم
إلى ربىً حزينةٍ كوجهِ مجدليّه
إلى القبابِ الخضرِ.. والحجارةِ النبيّه
عشرونَ عاماً.. وأنا
أبحثُ عن أرضٍ وعن هويّه
أبحثُ عن بيتي الذي هناك
عن وطني المحاطِ بالأسلاك
أبحثُ عن طفولتي..
وعن رفاقِ حارتي..
عن كتبي.. عن صوري..
عن كلِّ ركنٍ دافئٍ.. وكلِّ مزهريّه..
أصبحَ عندي الآنَ بندقيّه
إلى فلسطينَ خذوني معكم
يا أيّها الرجال..
أريدُ أن أعيشَ أو أموتَ كالرجال
أريدُ.. أن أنبتَ في ترابها
زيتونةً، أو حقلَ برتقال..
أو زهرةً شذيّه
قولوا.. لمن يسألُ عن قضيّتي
بارودتي.. صارت هي القضيّه..
أصبحَ عندي الآنَ بندقيّه..
أصبحتُ في قائمةِ الثوّار
أفترشُ الأشواكَ والغبار
وألبسُ المنيّه..
مشيئةُ الأقدارِ لا تردُّني
أنا الذي أغيّرُ الأقدار
يا أيّها الثوار..
في القدسِ، في الخليلِ،
في بيسانَ، في الأغوار..
في بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار
تقدموا..
تقدموا..
فقصةُ السلام مسرحيّه..
والعدلُ مسرحيّه..
إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ
يمرُّ من فوهةِ بندقيّه..
التناقضات
فشلت جميع محاولاتي
في أن أفسر موقفي
فشلت جميع محاولاتي
مازلت تتهمينني
كأني هوائي المزاج , ونرجسي
في جميع تصرفاتي
مازلت تعتبرينني
كقطار نصف الليل .. أنسى دائما
أسماء ركابي , ووجه زائراتي
فهواي غيب
والنساء لدي محض مصادفات
مازلت تعتقدين .. أن رسائلي
عمل روائي .. واشعاري
شريط مغامرات
وبأنني استعمل اجمل صاحباتي
جسراً إلى مجدي .. ومجد مؤلفاتي
مازلتي تحتجين أني لا احبك
كالنساء الأخريات
وعلى سرير العشق لم أسعدك مثل الأخريات
أهـ من طمع النساء
وكيدهن
ومن عتاب معاتباتي
كم أنتي رومانسية التفكير ، ساذجة
التجارب
تتصورين الحب صندوقاً مليئاً
بالعجائب
وحقول جار دينيا
وليلا لا زوردي الكواكب
مازلت تشترطين
أن نبقى إلى يوم القيامة عاشقين
وتطالبين بان نظل على الفراش ممددين
نرمي سجائرنا ونشعلها
وننقر بعضنا كحمامتين
ونظل أياما .. وأياما ..
نحاور بعضنا بالركبتين
هذا كلام مضحك
انا لست اضمن طقسي النفسي بعد دقيقتين
ولربما يتغير التاريخ بعد دقيقتين ونعود
في خفي حنين
من عالم الجنس المثير
نعود في خفي حنين
فشلت جميع محاولاتي
في أن أفسر موقفي
فشلت جميع محاولاتي
فتقبلي عشقي على علاته
وتقبلي مللي .. وذبذبتي .. وسوء تصرفاتي
فأنا كماء البحر في مدي وفي جزري وعمق تحولاتي
إن التناقض في دمي وأنا احب
تناقضاتي
ماذا سأفعل يا صديقه
هكذا رسمت حياتي
..منذ الخليقة .. هكذا رسمت حياتي
يوميات إمرأة
لماذا في مدينتنا ؟
نعيش الحب تهريباً وتزويراً ؟
ونسرق من شقوق الباب موعدنا
ونستعطي الرسائل
والمشاويرا
لماذا في مدينتنا ؟
يصيدون العواطف والعصافيرا
لماذا نحن قصديرا ؟
وما يبقى من الإنسان
حين يصير قصديرا ؟
لماذا نحن مزدوجون
إحساسا وتفكيرا ؟
لماذا نحن ارضيون ..
تحتيون .. نخشى الشمس والنورا ؟
لماذا أهل بلدتنا ؟
يمزقهم تناقضهم
ففي ساعات يقظتهم
يسبون الضفائر والتنانيرا
وحين الليل يطويهم
يضمون التصاويرا
أسائل نفسي دائماً
لماذا لا يكون الحب في الدنيا ؟
لكل الناس
كل الناس
مثل أشعة الفجر
لماذا لا يكون الحب مثل الخبز والخمر ؟
ومثل الماء في النهر
ومثل الغيم ، والأمطار ،
والأعشاب والزهر
أليس الحب للإنسان
عمراً داخل العمر ؟
لماذا لايكون الحب في بلدي ؟
طبيعياً
كلقيا الثغر بالثغر
ومنساباً
كما شعري على ظهري
لماذا لا يحب الناس في لين ويسر ؟
كما الأسماك في البحر
كما الأقمار في أفلاكها تجري
لماذا لا يكون الحب في بلدي
ضرورياً
كديوان من الشعر
انا نهدي في صدري
كعصفورين
قد ماتا من الحر
كقديسين شرقيين متهمين بالكفر
كم اضطهدا
وكم رقدا على الجمر
وكم رفضا مصيرهما
وكم ثارا على القهر
وكم قطعا لجامهما
وكم هربا من القبر
متى سيفك قيدهما
متى ؟
يا ليتني ادري
نزلت إلى حديقتنا
ازور ربيعها الراجع
عجنت ترابها بيدي
حضنت حشيشها الطالع
رأيت شجيرة الدراق
تلبس ثوبها الفاقع
رأيت الطير محتفلاً
بعودة طيره الساجع
رأيت المقعد الخشبي
مثل الناسك الراجع
سقطت عليه باكية
كأني مركب ضائع
احتى الأرض ياربي ؟
تعبر عن مشاعرها
بشكل بارع ... بارع
احتى الأرض ياربي
لها يوم .. تحب فيه ..
تبوح به ..
تضم حبيبها الراجع
وفوق العشب من حولي
لها سبب .. لها الدافع
فليس الزنبق الفارع
وليس الحقل ، ليس النحل
ليس الجدول النابع
سوى كلمات هذى الأرض ..
غير حديثها الرائع
أحس بداخلي بعثاً
يمزق قشرتي عني
ويدفعني لان أعدو
مع الأطفال في الشارع
أريد..
أريد..
كايه زهرة في الروض
تفتح جفنها الدامع
كايه نحله في الحقل
تمنح شهدها النافع
أريد..
أريد أن أحيا
بكل خليه مني
مفاتن هذه الدنيا
بمخمل ليلها الواسع
وبرد شتائها اللاذع
أريد..
أريد أن أحيا
بكل حرارة الواقع
بكل حماقة الواقع
يعود أخي من الماخور ...
عند الفجر سكرانا ...
يعود .. كأنه السلطان ..
من سماه سلطانا ؟
ويبقى في عيون الأهل
أجملنا ... وأغلانا ..
ويبقى في ثياب العهر
اطهرنا ... وأنقانا
يعود أخي من الماخور
مثل الديك .. نشوانا
فسبحان الذي سواه من ضوء
ومن فحم رخيص نحن سوانا
وسبحان الذي يمحو خطاياه
ولا يمحو خطايانا
تخيف أبي مراهقتي
يدق لها
طبول الذعر والخطر
يقاومها
يقاوم رغوة الخلجان
يلعن جراة المطر
يقاوم دونما جدوى
مرور النسغ في الذهر
أبي يشقى
إذا سالت رياح الصيف عن شعري
ويشقى إن رأى نهداي
يرتفحان في كبر
ويغتسلان كالأطفال
تحت أشعه القمر
فما ذنبي وذنبهما
هما مني هما قدري
متى يأتي ترى بطلي
لقد خبأت في صدري
له ، زوجا من الحجل
وقد خبأت في ثغري
له ، كوزا من العسل متى يأتي على فرس
له ، مجدولة الخصل
ليخطفني
لي**ر باب معتقلي
فمنذ طفولتي وأنا
أمد على شبابيكي
حبال الشوق والأمل
واجدل شعري الذهبي كي يصعد
على خصلاته .. بطلي
يروعني ..
شحوب شقيقتي الكبرى
هي الأخرى
تعاني ما أعانيه
تعيش الساعة الصفرا
تعاني عقده سوداء
تعصر قلبها عصرا
قطار الحسن مر بها
ولم يترك سوى الذكرى
ولم يترك من النهدين
إلا الليف والقشرا
لقد بدأت سفينتها
تغوص .. وتلمس القعرا
أراقبها وقد جلست
بركن ، تصلح الشعرا
تصففه .. وتخربه
وترسل زفرة حرى
تلوب .. تلوب .. في الردهات
مثل ذبابة حيرى
وتقبح في محارتها
كنهر .. لم يجد مجرى
سأكتب عن صديقاتي
فقصه كل واحده
أرى فيها .. أرى ذاتي
ومأساة كمأساتي
سأكتب عن صديقاتي
عن السجن الذي يمتص أعمار السجينات
عند الزمن الذي أكلته أعمدة المجلات
عن الأبواب لا تفتح
عن الرغبات وهي بمهدها تذبح
عن الحلمات تحت حريرها تنبح
عن الزنزانة الكبرى
وعن جدارنها السود
وعن آلاف .. آلاف الشهيداتِ
دفن بغير أسماء
بمقبرة التقاليد
صديقاتي دمى ملفوفة بالقطن
داخل متحف مغلق
نقود صكها التاريخ ، لا تهدى ولا تنفق
مجاميع من الأسماك في أحواضها تخنق
وأوعيه من البلور مات فراشها الأزرق
بلا خوف
سأكتب عن صديقاتي
عن الأغلال دامية بأقدام الجميلات
عن الهذيان .. والغثيان .. عن ليل الضرعات
عن الأشواق تدفن في المخدات
عن الدوران في اللاشيء
عن موت الهنيهات
صديقاتي
رهائن تشترى وتباع في سوق الخرافات
سبايا في حريم الشرق
موتى غير أموات
يعشن ، يمتن مثل الفطر في جوف الزجاجات
صديقاتي
طيور في مغائرها
تموت بغير أصوات
خلوت اليوم ساعات
إلى جسدي
أفكر في قضاياه
أليس هوالثاني قضاياه ؟
وجنته وحماه ؟
لقد أهملته زمنا
ولم اعبا بشكواه
نظرت إليه في شغف
نظرت إليه من أحلى زواياه
لمست قبابه البيضاء
غابته ومرعاه
إن لوني حليبي
كان الفجر قطره وصفاه
أسفت لا نه جسدي
أسفت على ملاسته
وثرت على مصممه ، وعاجنه وناحته
رثيت له
لهذا الوحش يأكل من وسادته
لهذا الطفل ليس تنام عيناه
نزعت غلالتي عني
رأيت الظل يخرج من مراياه
رأيت النهر كالعصفور ... لم يتعب جناحاه
تحرر من قطيفته
ومزق عنه " تفتاه "
حزنت انا لمرآه
لماذا الله كوره ودوره .. وسواه ؟
لماذا الله أشقاني
بفتنته .. وأشقاه ؟
وعلقه بأعلى الصدر
جرحاً .. لست أنساه
لماذا يستبد ابي ؟
ويرهقني بسلطته .. وينظر لي كانيه
**طر في جريدته
ويحرص على أن أظل له
كأني بعض ثروته
وان أبقى بجانبه
ككرسي بحجرته
أيكفي أنني ابنته
أني من سلالته
أيطعمني أبي خبزاً ؟
أيغمرني بنعمته ؟
كفرت انا .. بمال أبي
بلؤلؤة ... بفضته
أبي لم ينتبه يوماً
إلى جسدي .. وثورته
أبي رجل أناني
مريض في محبته
مريض في تعنته
يثور إذا رأى صدري
تمادى في استدارته
يثور إذا رأى رجلاً
يقرب من حديقته
أبي ...
لن يمنع التفاح عن إكمال دورته
سيأتي ألف عصفور
ليسرق من حديقته
على كراستي الزرقاء .. استلقي يمريه
وابسط فوقها في فرح وعفوية
أمشط فوقها شعري
وارمي كل أثوابي الحريرية
أنام , أفيق , عارية ..
أسير .. أسير حافية
على صفحات أوراقي السماوية
على كراستي الزرقاء
استرخي على كيفي
واهرب من أفاعي الجنس
والإرهاب ..
والخوف ..
واصرخ ملء حنجرتي
انا امرأة .. انا امرأة
انا انسانة حية
أيا مدن التوابيت الرخامية
على كراستي الزرقاء
تسقط كل أقنعتي الحضارية
ولا يبقى سوى نهدي
تكوم فوق أغطيتي
كشمس استوائية
ولا يبقى سوى جسدي
يعبر عن مشاعره
بلهجته البدائية
ولا يبقى .. ولا يبقى ..
سوى الأنثى الحقيقة
صباح اليوم فاجأني
دليل أنوثتي الأول
كتمت تمزقي
وأخذت ارقب روعة الجدول
واتبع موجه الذهبي
اتبعه ولا أسال
هنا .. أحجار ياقوت
وكنز لألي مهمل
هنا .. نافورة جذلى
هنا .. جسر من المخمل
..هنا
سفن من التوليب
ترجوا الأجمل الأجمل
هنا .. حبر بغير يد
هنا .. جرح ولا مقتل
أأخجل منه ..
هل بحر بعزة موجه يخجل ؟
انا للخصب مصدره وأنا يده
وأنا المغزل ...
امرأة حمقاء
يا سيدي العزيز
هذا خطاب امرأة حمقاء
هل كتبت إليك قبلي امرأة حمقاء؟
اسمي انا ؟ دعنا من الأسماء
رانية أم زينب
أم هند أم هيفاء
اسخف ما نحمله ـ يا سيدي ـ الأسماء
يا سيدي
أخاف أن أقول مالدي من أشياء
أخاف ـ لو فعلت ـ أن تحترق السماء
فشرقكم يا سيدي العزيز
يصادر الرسائل الزرقاء
يصادر الأحلام من خزائن النساء
يستعمل السكين
والساطور
كي يخاطب النساء
ويذبح الربيع والأشواق
والضفائر السوداء
و شرقكم يا سيدي العزيز
يصنع تاج الشرف الرفيع
من جماجم النساء
لا تنتقدني سيدي
إن كان خظي سيئاً
فإنني اكتب والسياف خلف بابي
وخارج الحجرة صوت الريح والكلاب
يا سيدي
عنترة العبسي خلف بابي
يذبحني
إذا رأى خطابي
يقطع رأسي
لو رأى الشفاف من ثيابي
يقطع رأسي
لو انا عبرت عن عذابي
فشرقكم يا سيدي العزيز
يحاصر المرأة بالحراب
يبايع الرجال أنبياء
ويطمر النساء في التراب
لا تنزعج !
يا سيدي العزيز ... من سطوري
لا تنزعج !
إذا **رت القمقم المسدود من عصور
إذا نزعت خاتم الرصاص عن ضميري
إذا انا هربت
من أقبية الحريم في القصور
إذا تمردت , على موتي ...
على قبري
على جذوري
و المسلخ الكبير
لا تنزعج يا سيدي !
إذا انا كشفت عن شعوري
فالرجل الشرقي
لا يهتم بالشعر و لا الشعور ...
الرجل الشرقي
لا يفهم المرأة إلا داخل السرير ...
معذرة .. معذرة يا سيدي
إذا تطاولت على مملكة الرجال
الأدب الكبير ـ طبعاً ـ أدب الرجال والحب كان دائماً
من حصة الرجال
والجنس كان دائما ً
مخدراً يباع للرجال
خرافة حرية النساء في بلادنا
فليس من حرية
أخرى ، سوى حرية الرجال
يا سيدي
قل ما تريده عني ، فلن أبالي سطحية . غبية . مجنونة . بلهاء فلم اعد أبالي
لأن من تكتب عن همومها ..
في منطق الرجال امرأة حمقاء
ألم اقل في أول الخطاب إني
امرأة حمقاء ؟
ثقافتنا
فقاقيع من الصابون والوحل
فمازالت بداخلنا
"رواسب من " أبي جهل
ومازلنا
نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن
ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونهذا من قوارير
بلا دين ولا عقل
ونرجع أخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال دقائق خمسه
بلا شوق ... ولا ذوق
ولا ميل
نمارسه .. كالات
تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى
ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل
بنصف الدرب نتركهن
يا لفظاظة الخيل
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا
وصك زواجنا معنا
وقلنا : الله قد شرع
ليالينا موزعه
على زوجاتنا الأربع
هنا شفه
هنا ساق
هنا ظفر
هنا إصبع
كأن الدين حانوت
فتحناه لكي نشبع
تمتعنا " بما أيماننا ملكت "
وعشنا من غرائزنا بمستنقع
وزورنا كلام الله
بالشكل الذي ينفع
ولم نخجل بما نصنع
عبثنا في قداسته
نسينا نبل غايته
ولم نذكر
سوى المضجع
ولم نأخذ سوى
زوجاتنا الأربع
قارئة الفنجان
جَلَسَت والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي.. لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي،
قد ماتَ شهيداً
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب..
ستُحِبُّ كثيراً يا ولدي..
وتموتُ كثيراً يا ولدي
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض..
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبود
فمُها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتُها موسيقى و ورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ..
وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود
فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ..
من يدخُلُ حُجرتها مفقود..
من يطلبُ يَدَها..
من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها..
يا ولدي..
مفقودٌ.. مفقود
بصَّرتُ.. ونجَّمت كثيراً
لكنّي.. لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي..
أحزاناً تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ.. أن تمشي أبداً
في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيداً كالأصداف
وتظلَّ حزيناً كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبداً..
في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ...
وترجعُ كالملكِ المخلوع..
.............................................................................................................
فـــــــــــــــــــمٍ
في وجهها يدور .. كالبرعم
بمثله الأحلام لم تحلم
كلوحة ناجحة .. لونها
أثار حتى حائط المرسم
كفكرة .. جناحها أحمر
كجملة قيلت ولم تفهم
كنجمة قد ضعيت دربها
في خصلات الأسود المعتم
زجاجة للطيب مختومة
ليت أواني الطيب لم تختم
من أين يا ربي عصرت الجنى؟
وكيف فكرت بهذا الفم
وكيف بالغت بتدويره؟
وكيف وزعت نقاط الدم؟
وكيف بالتوليب سورته
بالورد، بالعناب، بالعندم؟
وكيف ركزت إلى جنبه
غمارة .. تهزأ بالأنجم..
كم سنة .. ضيعت في نحته ؟
قل لي .. ألم تتعب .. ألم تسأم؟
منضمة الشفاه .. لا تفصحي
أريدُ أن أبقى بوهمِ الفمٍ
رسالة من سيدة حاقدة
قُلتَ ... لا تدخُلي
وسددتَ في وجهي الطريق بمرفقيكَ … وزعمتَ لي …
أن الرفاق أتوا إليك … أهُمُ الرفاق أتوا إليك
أم أن سيدةً لديك … تحتلُ بعدي ساعديك ؟
وصرختُ محتدماً : قفي ! والريحُ … تمضغُ معطفي …
والذل ي**و موقفي … لا تعتذر يا نذلُ لا تتأسف
أنا لستُ آسفةً عليك … لكن على قلبي الوفي
قلبي الذي لم تعرِفِ … ماذا لو انكَ يا دني … أخبرتني
أني انتهى أمري لديكَ … فجميعُ ما وشوشتني
أيامَ كنتَ تحبنيَ … من أنني …
بيتُ الفراشةِ مسكني … وغدي انفراطُ السوسنِ
أنكرتهُ أصلاً كما أنكرتني …
لا تعتذر …
فالإثمُ … يحصدُ حاجبيكَ أحمرها تصيحُ بوجنتيك
ورباطُكَ … المشدوه … يفضحُ
ما لديكَ … ومن لديكَ
يا من وقفتُ دمي عليكَ
وذللتنيَ ونفضتني
كذبابةٍ عن عارضيك
ودعوتُ سيدةً إليكَ ………… وأهنتني
من بعد ما كنتُ الضياء بناظريك …
إني أراها في جوار الموقدِ … أخذت هُنالك مقعدي …
في الركن … نفس المقـعدِ …
وأراك تمنحها يداً … مثلوجةً … ذاتَ اليدِ …
سترددُ القصص التي أسمعتني …
ولسوف تخبرها بما أخبرتني …
وسترفع الكأس التي جرعتني …
كأساً بها سممتني
حتى إذا عادت إليكُ … لتروُد موعدها الهني …
أخبرتها أن الرفاق أتوا إليك …
وأضعت رونقها كما ضيعتني
حقائب البكاء
إذا أتى الشتاء..
وحركت رياحه ستائري
أحس يا صديقتي
بحاجة إلى البكاء
على ذراعيك..
على دفاتري..
إذا أتى الشتاء
وانقطعت عندلة العنادل
وأصبحت ..
كل العصافير بلا منازل
يبتدئ النزيف في قلبي .. وفي أناملي.
كأنما الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي في داخلي..
عندئذ .. يغمرني
شوق طفولي إلى البكاء ..
على حرير شعرك الطويل كالسنابل..
كمركب أرهقه العياء
كطائر مهاجر..
يبحث عن نافذة تضاء
يبحث عن سقف له ..
في عتمة الجدائل ..
*
إذا أتى الشتاء..
واغتال ما في الحقل من طيوب..
وخبأ النجوم في ردائه الكئيب
يأتي إلى الحزن من مغارة المساء
يأتي كطفل شاحب غريب
مبلل الخدين والرداء..
وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب
أمنحه السرير .. والغطاء
أمنحه .. جميع ما يشاء
*
من أين جاء الحزن يا صديقتي ؟
وكيف جاء؟
يحمل لي في يده..
زنابقا رائعة الشحوب
يحمل لي ..
حقائب الدموع والبكاء..
القصيدة المتوحشة
أحبيني .. بلا عقد
وضيعي في خطوط يدي
أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..
فلست أنا الذي يهتم بالأبد..
أنا تشرين .. شهر الريح،
والأمطار .. والبرد..
أنا تشرين فانسحقي
كصاعقة على جسدي..
أحبيني ..
بكل توحش التتر..
بكل حرارة الأدغال
كل شراسة المطر
ولا تبقي ولا تذري..
ولا تتحصري أبدا..
فقد سقطت على شفتيك
كل حضارة الحضر
أحبيني..
كزلزال .. كموت غير منتظر..
وخلي نهدك المعجون..
بالكبريت والشرر..
يهاجمني .. كذئب جائع خطر
وينهشني .. ويضربني ..
كما الأمطار تضرب ساحل الجزر..
أنا رجل بلا قدر
فكوني .. أنت لي قدري
وأبقيني .. على نهديك..
مثل النقش في الحجر..
***
أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا..
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
أحبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟
وكوني البحر والميناء..
كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار
كوني اللين والعنفا..
أحبيني .. بألف وألف أسلوب
ولا تتكرري كالصيف..
إني أكره الصيفا..
أحبيني .. وقوليها
لأرفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب
في قبر من الصمت
أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت
بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت..
بعيدا عن تعصبها..
بعيدا عن تخشبها..
أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
إليها الحب لا يأتي..
إليها الله .. لا يأتي ..
***
أحبيني .. ولا تخشي على قدميك
- سيدتي - من الماء
فلن تتعمدى امرأة
وجسمك خارج الماء
وشعرك خارج الماء
فنهدك .. بطة بيضاء ..
لا تحيا بلا ماء ..
أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي
بصحوي .. أو بأنوائي
وغطيني ..
أيا سقفا من الأزهار ..
يا غابات حناء ..
تعري ..
واسقطي مطرا
على عطشي وصحرائي ..
وذوبي في فمي .. كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعري .. واشطري شفتي
إلى نصفين .. يا موسى بسيناء..
رفقاً باعصابي
شَرَّشْتِ ..
في لحمي و أعْصَابي ..
وَ مَلَكْتِني بذكاءِ سنجابِ
شَرَّشْتِ .. في صَوْتي ، و في لُغَتي
و دَفَاتري ، و خُيُوطِ أَثوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. شمساً و عافيةً
و **ا ربيعُكِ كلَّ أبوابي ..
شَرَّشْتِ .. حتّى في عروقِ يدي
وحوائجي .. و زجَاج أكوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. رعداً .. و صاعقةً
و سنابلاً ، و كرومَ أعنابِ
شَرَّشْتِ .. حتّى صار جوفُ يدي
مرعى فراشاتٍ .. و أعشابِ
تَتَساقطُ الأمطارُ .. من شَفَتِي ..
و القمحُ ينبُتُ فوقَ أهْدَابي ..
شَرَّشْتِ .. حتَّى العظْم .. يا امرأةً
فَتَوَقَّفي .. رِفْقاً بأعصابي
حكاية انقلاب
أنا الذي أحرق ألف ليلة وليلة..
وأخلص النساء ..
من مخالب الأعراب..
أنا الذي حميت وردة الأنوثة
من هجمة الطاعون ...
والذباب..
أنا الذي جعلت من حبيبتي
مليكة تسير في ركابها..
الأشجار..
والنجوم ..
والسحاب..
أنا الذي هرب قد هرب السلاح..
في أرغفة الخبز..
وفي لفائف التبغ..
وفي بطانة الثياب..
أنا الذي ذبحت شهريار في سريره..
أنا الذي أنهيت عصر الوأد..
والزواج بالمتعة..
والإقطاع ..
والإرهاب...
... وحين قامت دولة النساء..
وارتفعت في الأفق البيارق...
توقف النضال بالبنادق..
وأبتدأ النضال
بالعيون ..والأهداب..
تقرير سري جداً من بلاد قمعستان
1
لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان..
جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان..
تساقط الفرسان عن سروجهم..
وأعلنت دويلة الخصيان..
واعتقل المؤذنون في بيوتهم ..
و ألغى الأذان..
جميعهم تضخمت أثداؤهم..
وأصبحوا نسوان..
جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل
وبالرضاعة..
جميعهم قد ذبحوا خيولهم..
وارتهنوا سيوفهم..
وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان..
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما..
صار في الجغرافيا..
يدعى (يهودستان)..
الله .. يا زمان..
2
لم يبق في دفاتر التاريخ
لا سيف ولا حصان
جميعهم قد تركوا نعالهم
وهربوا اموالهم
وخلفوا وراءهم اطفالهم
وانسحبوا الى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخنثوا...
تكحلوا...
تعطروا...
تمايلوا اغصان خيزران
حتى تظن خالدا ... سوزان
ومريما .. مروان
الله ... يا زمان...
3
جميعهم موتى ... ولم يبق سوى لبنان
يلبس في كل صباح كفنا
ويشعل الجنوب اصرارا وعنفوان
جميعهم قد دخلوا جحورهم
واستمتعوا بالمسك, والنساء, والريحان
جميعهم مدجن, مروض, منافق, مزدوج .. جبان
ووحده لبنان
يصفع امريكا بلا هوادة
ويشعل المياه والشطان
في حين الف حاكم مؤمرك
يأخذها بالصدر والاحضان
هل ممكن ان يعقد الانسان صلحا دائما مع الهوان؟
الله ... يا زمان ..
4
هل تعرفون من انا
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
وهذه الدولة ليست نكتة مصرية
او صورة منقولة عن كتب البديع والبيان
فأرض (قمعستان) جاء ذكرها
في معجم البلدان ...
وان من اهم صادراتها
حقائبا جلدية
مصنوعة من جسد الانسان
الله ... يا زمان ...
5
هل تطلبون نبذة صغيرة عن ارض (قمعستان)
تلك التي تمتد من شمال افريقيا
الى بلاد نفطستان
تلك التي تمتد من شواطئ القهر الى شواطئ
القتل
الى شواطئ السحل, الى شواطئ الاحزان ..
وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان
ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة
ويفقأون أعين الأطفال بالوراثه
ويكرهون الورق الابيض, والمداد, والاقلام بالوراثة
واول البنود في دستورها:
يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الانسان
الله ... يا زمان ...
6
هل تعرفون من انا؟
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
مواطن...
يحلم في يوم من الايام ان يصبح في مرتبة الحيوان
مواطن يخاف ان يجلس في المقهى .. لكي
لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان
مواطن ان يخاف ان يقرب زوجته
قبيل ان تراقب المباحث المكان
مواطن انا من شعب قمعستان
اخاف ان ادخل اي مسجد
كي لا يقال اني رجل يمارس الايمان
كي لا يقول المخبر السري:
اني كنت اتلو سورة الرحمن
الله ... يا زمان ...
7
هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟
تلك التي ألّفَهَا.. لحَّنها..
أخرجها الشيطان...
هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟
حيث د*** المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار
والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار
والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار
ورغبة الزوجين في الإنجاب
تحتاج إلى قرار
وشعر من احبها
يمنعه الشرطي أن يطير في الريح
بلا قرار..
8
ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)
حيث الذكور نسخة عن النساء
حيث النساء نسخة من الذكور
حيث التراب يكره البذور
وحيث كل طائر يخاف بقية الطيور
وصاحب القرار يحتاج الى قرار
تلك هي الاحوال في دولة (قمعستان)
الله ... يا زمان ...
9
يا أصدقائي:
إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان
ليس لها شوارع
ليس لها أرصفة
ليس لها نوافذ
ليس لها جدران
ليس بها جرائد
غير التي تطبعها مطابع السلطان
عنوانها؟
أخاف أن أبوح بالعنوان
كل الذي اعرفه
أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي
يرحمه الرحمن...
10
يا اصدقائي :
ما هو الشعر اذا لم يعلن العصيان؟
وما هو الشعر اذا لم يسقط الطغاة ... والطغيان؟
وما هو الشعر اذا لم يحدث الزلزال
في الزمان والمكان؟
وما هو الشعر اذا لم يخلع التاج الذي يلبسه
**رى انوشروان؟
11
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الملايين التي تجهل حتى الان ما هو النهار
وما هو الفارق بين الغصن والعصفور
وما هو الفارق بين الورد والمنثور
وما هو الفارق بين النهد والرمانة
وما هو الفارق بين البحر والزنزانة
وما هو الفارق بين القمر الاخضر والقرنفلة
وبين حد كلمة شجاعة,
وبين خد المقصلة ...
12
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان
باسم الذين انتزعت اجفانهم
واقتلعت اسنانهم
وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان
باسم الذين ما لهم صوت ...
ولا رأي ...
ولا لسان ...
سأعلن العصيان ...
13
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الجماهير التي تجلس كالابقار
تحت الشاشة الصغيرة
باسم الجماهير التي يسقونها الولاء
بالملاعق الكبيرة
باسم الجماهير التي تركب كالبعير
من مشرق الشمس الى مغربها
تركب كالبعير ...
وما لها من الحقوق غير حق الماء والشعير
وما لها من الطموح غير ان تأخذ للحلاق زوجة الامير
او ابنة الامير ...
او كلبة الامير ...
باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم
وحزمة البرسيم ...
14
يا اصدقاء الشعر:
اني شجر النار, واني كاهن الاشواق
والناطق الرسمي عن خمسين مليونا من العشاق
على يدي ينام اهل الحب والحنين
فمرة اجعلهم حمائما
ومرة اجعلهم اشجار ياسمين
يا اصدقائي ...
انني الجرح الذي يرفض دوما
سلطة السكين ...
15
يا اصدقائي الرائعين:
انا الشفاه للذين ما لهم شفاه
انا العيون للذين ما لهم عيون
انا كتاب البحر للذين ليس يقرأون
انا الكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون
انا كهذا العصر, يا حبيبتي
اواجه الجنون بالجنون
وا**ر الاشياء في طفولة
وفي دمي, رائحة الثورة والليمون ...
انا كما عرفتموني دائما
هوايني ان ا**ر القانون
انا كما عرفتموني دائما
اكون بالشعر ... وإلا لا أريد أن أكون ...
16
يا اصدقائي:
انتم الشعر الحقيقي
ولا يهم ان يضحك ... او يعبس ...
او ان يغضب السلطان
انتم سلا طيني ...
ومنكم استمد المجد, والقوة , والسلطان ...
قصائدي ممنوعة ...
في المدن التي تنام فوق الملح والحجارة
قصائدي ممنوعة ...
لانها تحمل للانسان عطر الحب, والحضارة
قصائدي مرفوضة ...
لانها لكل بيت تحمل البشارة
يا اصدقائي:
اني ما زلت بانتظاركم
لنوقد الشراره ...
حوار مع ملك المغول
يا ملك المغول ..
يا وارث الجزمه والكرباج عن جدّك أرطغولْ
يا من ترانا كلنّا خيولْ..
لا فرق- من نوافذ القصور-
بين الناس والخيولْ..
يا ملك المغولْ ..
يا أيها الغاضب من صهيلنا..
يا أيهل الخائف من تفتّح الحقولْ..
أريد أن أـقول:
من قبل أن يقتلني سيّافكم مسرورْ..
وقبل أن يأتي شهود الزورْ..
أريد أن أقول كلمتينْ
لزوجت يالحامل من شهورْ..
وأصدقائي كلّهم..
وشعبي المقهورْ..
أريد أن أقول انّي شاعر
أحمل في حنجرتي عصفور
أرفض أن أبيعه..
وأنت من حنجرتي
تريد أن تصادر العصفورْ..
يا ملك المغولْ..
يا قاهر الجيوش يا مدحرج الرؤوس..
يا مدوّخ البحورْ..
يا عاجن الحديد يا مفتت الصخور
يا آكل الأطفال
يا مغتصب الأبكار
يا مفترس العطور
واعجبي ... واعجبي
أأنت , والشرطة , والجيش
على عصفور
في وجهها يدور .. كالبرعم
بمثله الأحلام لم تحلم
كلوحة ناجحة .. لونها
أثار حتى حائط المرسم
كفكرة .. جناحها أحمر
كجملة قيلت ولم تفهم
كنجمة قد ضعيت دربها
في خصلات الأسود المعتم
زجاجة للطيب مختومة
ليت أواني الطيب لم تختم
من أين يا ربي عصرت الجنى؟
وكيف فكرت بهذا الفم
وكيف بالغت بتدويره؟
وكيف وزعت نقاط الدم؟
وكيف بالتوليب سورته
بالورد، بالعناب، بالعندم؟
وكيف ركزت إلى جنبه
غمارة .. تهزأ بالأنجم..
كم سنة .. ضيعت في نحته ؟
قل لي .. ألم تتعب .. ألم تسأم؟
منضمة الشفاه .. لا تفصحي
أريدُ أن أبقى بوهمِ الفمٍ
رسالة من سيدة حاقدة
قُلتَ ... لا تدخُلي
وسددتَ في وجهي الطريق بمرفقيكَ … وزعمتَ لي …
أن الرفاق أتوا إليك … أهُمُ الرفاق أتوا إليك
أم أن سيدةً لديك … تحتلُ بعدي ساعديك ؟
وصرختُ محتدماً : قفي ! والريحُ … تمضغُ معطفي …
والذل ي**و موقفي … لا تعتذر يا نذلُ لا تتأسف
أنا لستُ آسفةً عليك … لكن على قلبي الوفي
قلبي الذي لم تعرِفِ … ماذا لو انكَ يا دني … أخبرتني
أني انتهى أمري لديكَ … فجميعُ ما وشوشتني
أيامَ كنتَ تحبنيَ … من أنني …
بيتُ الفراشةِ مسكني … وغدي انفراطُ السوسنِ
أنكرتهُ أصلاً كما أنكرتني …
لا تعتذر …
فالإثمُ … يحصدُ حاجبيكَ أحمرها تصيحُ بوجنتيك
ورباطُكَ … المشدوه … يفضحُ
ما لديكَ … ومن لديكَ
يا من وقفتُ دمي عليكَ
وذللتنيَ ونفضتني
كذبابةٍ عن عارضيك
ودعوتُ سيدةً إليكَ ………… وأهنتني
من بعد ما كنتُ الضياء بناظريك …
إني أراها في جوار الموقدِ … أخذت هُنالك مقعدي …
في الركن … نفس المقـعدِ …
وأراك تمنحها يداً … مثلوجةً … ذاتَ اليدِ …
سترددُ القصص التي أسمعتني …
ولسوف تخبرها بما أخبرتني …
وسترفع الكأس التي جرعتني …
كأساً بها سممتني
حتى إذا عادت إليكُ … لتروُد موعدها الهني …
أخبرتها أن الرفاق أتوا إليك …
وأضعت رونقها كما ضيعتني
حقائب البكاء
إذا أتى الشتاء..
وحركت رياحه ستائري
أحس يا صديقتي
بحاجة إلى البكاء
على ذراعيك..
على دفاتري..
إذا أتى الشتاء
وانقطعت عندلة العنادل
وأصبحت ..
كل العصافير بلا منازل
يبتدئ النزيف في قلبي .. وفي أناملي.
كأنما الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي في داخلي..
عندئذ .. يغمرني
شوق طفولي إلى البكاء ..
على حرير شعرك الطويل كالسنابل..
كمركب أرهقه العياء
كطائر مهاجر..
يبحث عن نافذة تضاء
يبحث عن سقف له ..
في عتمة الجدائل ..
*
إذا أتى الشتاء..
واغتال ما في الحقل من طيوب..
وخبأ النجوم في ردائه الكئيب
يأتي إلى الحزن من مغارة المساء
يأتي كطفل شاحب غريب
مبلل الخدين والرداء..
وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب
أمنحه السرير .. والغطاء
أمنحه .. جميع ما يشاء
*
من أين جاء الحزن يا صديقتي ؟
وكيف جاء؟
يحمل لي في يده..
زنابقا رائعة الشحوب
يحمل لي ..
حقائب الدموع والبكاء..
القصيدة المتوحشة
أحبيني .. بلا عقد
وضيعي في خطوط يدي
أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..
فلست أنا الذي يهتم بالأبد..
أنا تشرين .. شهر الريح،
والأمطار .. والبرد..
أنا تشرين فانسحقي
كصاعقة على جسدي..
أحبيني ..
بكل توحش التتر..
بكل حرارة الأدغال
كل شراسة المطر
ولا تبقي ولا تذري..
ولا تتحصري أبدا..
فقد سقطت على شفتيك
كل حضارة الحضر
أحبيني..
كزلزال .. كموت غير منتظر..
وخلي نهدك المعجون..
بالكبريت والشرر..
يهاجمني .. كذئب جائع خطر
وينهشني .. ويضربني ..
كما الأمطار تضرب ساحل الجزر..
أنا رجل بلا قدر
فكوني .. أنت لي قدري
وأبقيني .. على نهديك..
مثل النقش في الحجر..
***
أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا..
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
أحبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟
وكوني البحر والميناء..
كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار
كوني اللين والعنفا..
أحبيني .. بألف وألف أسلوب
ولا تتكرري كالصيف..
إني أكره الصيفا..
أحبيني .. وقوليها
لأرفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب
في قبر من الصمت
أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت
بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت..
بعيدا عن تعصبها..
بعيدا عن تخشبها..
أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
إليها الحب لا يأتي..
إليها الله .. لا يأتي ..
***
أحبيني .. ولا تخشي على قدميك
- سيدتي - من الماء
فلن تتعمدى امرأة
وجسمك خارج الماء
وشعرك خارج الماء
فنهدك .. بطة بيضاء ..
لا تحيا بلا ماء ..
أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي
بصحوي .. أو بأنوائي
وغطيني ..
أيا سقفا من الأزهار ..
يا غابات حناء ..
تعري ..
واسقطي مطرا
على عطشي وصحرائي ..
وذوبي في فمي .. كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعري .. واشطري شفتي
إلى نصفين .. يا موسى بسيناء..
رفقاً باعصابي
شَرَّشْتِ ..
في لحمي و أعْصَابي ..
وَ مَلَكْتِني بذكاءِ سنجابِ
شَرَّشْتِ .. في صَوْتي ، و في لُغَتي
و دَفَاتري ، و خُيُوطِ أَثوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. شمساً و عافيةً
و **ا ربيعُكِ كلَّ أبوابي ..
شَرَّشْتِ .. حتّى في عروقِ يدي
وحوائجي .. و زجَاج أكوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. رعداً .. و صاعقةً
و سنابلاً ، و كرومَ أعنابِ
شَرَّشْتِ .. حتّى صار جوفُ يدي
مرعى فراشاتٍ .. و أعشابِ
تَتَساقطُ الأمطارُ .. من شَفَتِي ..
و القمحُ ينبُتُ فوقَ أهْدَابي ..
شَرَّشْتِ .. حتَّى العظْم .. يا امرأةً
فَتَوَقَّفي .. رِفْقاً بأعصابي
حكاية انقلاب
أنا الذي أحرق ألف ليلة وليلة..
وأخلص النساء ..
من مخالب الأعراب..
أنا الذي حميت وردة الأنوثة
من هجمة الطاعون ...
والذباب..
أنا الذي جعلت من حبيبتي
مليكة تسير في ركابها..
الأشجار..
والنجوم ..
والسحاب..
أنا الذي هرب قد هرب السلاح..
في أرغفة الخبز..
وفي لفائف التبغ..
وفي بطانة الثياب..
أنا الذي ذبحت شهريار في سريره..
أنا الذي أنهيت عصر الوأد..
والزواج بالمتعة..
والإقطاع ..
والإرهاب...
... وحين قامت دولة النساء..
وارتفعت في الأفق البيارق...
توقف النضال بالبنادق..
وأبتدأ النضال
بالعيون ..والأهداب..
تقرير سري جداً من بلاد قمعستان
1
لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان..
جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان..
تساقط الفرسان عن سروجهم..
وأعلنت دويلة الخصيان..
واعتقل المؤذنون في بيوتهم ..
و ألغى الأذان..
جميعهم تضخمت أثداؤهم..
وأصبحوا نسوان..
جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل
وبالرضاعة..
جميعهم قد ذبحوا خيولهم..
وارتهنوا سيوفهم..
وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان..
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما..
صار في الجغرافيا..
يدعى (يهودستان)..
الله .. يا زمان..
2
لم يبق في دفاتر التاريخ
لا سيف ولا حصان
جميعهم قد تركوا نعالهم
وهربوا اموالهم
وخلفوا وراءهم اطفالهم
وانسحبوا الى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخنثوا...
تكحلوا...
تعطروا...
تمايلوا اغصان خيزران
حتى تظن خالدا ... سوزان
ومريما .. مروان
الله ... يا زمان...
3
جميعهم موتى ... ولم يبق سوى لبنان
يلبس في كل صباح كفنا
ويشعل الجنوب اصرارا وعنفوان
جميعهم قد دخلوا جحورهم
واستمتعوا بالمسك, والنساء, والريحان
جميعهم مدجن, مروض, منافق, مزدوج .. جبان
ووحده لبنان
يصفع امريكا بلا هوادة
ويشعل المياه والشطان
في حين الف حاكم مؤمرك
يأخذها بالصدر والاحضان
هل ممكن ان يعقد الانسان صلحا دائما مع الهوان؟
الله ... يا زمان ..
4
هل تعرفون من انا
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
وهذه الدولة ليست نكتة مصرية
او صورة منقولة عن كتب البديع والبيان
فأرض (قمعستان) جاء ذكرها
في معجم البلدان ...
وان من اهم صادراتها
حقائبا جلدية
مصنوعة من جسد الانسان
الله ... يا زمان ...
5
هل تطلبون نبذة صغيرة عن ارض (قمعستان)
تلك التي تمتد من شمال افريقيا
الى بلاد نفطستان
تلك التي تمتد من شواطئ القهر الى شواطئ
القتل
الى شواطئ السحل, الى شواطئ الاحزان ..
وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان
ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة
ويفقأون أعين الأطفال بالوراثه
ويكرهون الورق الابيض, والمداد, والاقلام بالوراثة
واول البنود في دستورها:
يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الانسان
الله ... يا زمان ...
6
هل تعرفون من انا؟
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
مواطن...
يحلم في يوم من الايام ان يصبح في مرتبة الحيوان
مواطن يخاف ان يجلس في المقهى .. لكي
لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان
مواطن ان يخاف ان يقرب زوجته
قبيل ان تراقب المباحث المكان
مواطن انا من شعب قمعستان
اخاف ان ادخل اي مسجد
كي لا يقال اني رجل يمارس الايمان
كي لا يقول المخبر السري:
اني كنت اتلو سورة الرحمن
الله ... يا زمان ...
7
هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟
تلك التي ألّفَهَا.. لحَّنها..
أخرجها الشيطان...
هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟
حيث د*** المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار
والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار
والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار
ورغبة الزوجين في الإنجاب
تحتاج إلى قرار
وشعر من احبها
يمنعه الشرطي أن يطير في الريح
بلا قرار..
8
ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)
حيث الذكور نسخة عن النساء
حيث النساء نسخة من الذكور
حيث التراب يكره البذور
وحيث كل طائر يخاف بقية الطيور
وصاحب القرار يحتاج الى قرار
تلك هي الاحوال في دولة (قمعستان)
الله ... يا زمان ...
9
يا أصدقائي:
إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان
ليس لها شوارع
ليس لها أرصفة
ليس لها نوافذ
ليس لها جدران
ليس بها جرائد
غير التي تطبعها مطابع السلطان
عنوانها؟
أخاف أن أبوح بالعنوان
كل الذي اعرفه
أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي
يرحمه الرحمن...
10
يا اصدقائي :
ما هو الشعر اذا لم يعلن العصيان؟
وما هو الشعر اذا لم يسقط الطغاة ... والطغيان؟
وما هو الشعر اذا لم يحدث الزلزال
في الزمان والمكان؟
وما هو الشعر اذا لم يخلع التاج الذي يلبسه
**رى انوشروان؟
11
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الملايين التي تجهل حتى الان ما هو النهار
وما هو الفارق بين الغصن والعصفور
وما هو الفارق بين الورد والمنثور
وما هو الفارق بين النهد والرمانة
وما هو الفارق بين البحر والزنزانة
وما هو الفارق بين القمر الاخضر والقرنفلة
وبين حد كلمة شجاعة,
وبين خد المقصلة ...
12
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان
باسم الذين انتزعت اجفانهم
واقتلعت اسنانهم
وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان
باسم الذين ما لهم صوت ...
ولا رأي ...
ولا لسان ...
سأعلن العصيان ...
13
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الجماهير التي تجلس كالابقار
تحت الشاشة الصغيرة
باسم الجماهير التي يسقونها الولاء
بالملاعق الكبيرة
باسم الجماهير التي تركب كالبعير
من مشرق الشمس الى مغربها
تركب كالبعير ...
وما لها من الحقوق غير حق الماء والشعير
وما لها من الطموح غير ان تأخذ للحلاق زوجة الامير
او ابنة الامير ...
او كلبة الامير ...
باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم
وحزمة البرسيم ...
14
يا اصدقاء الشعر:
اني شجر النار, واني كاهن الاشواق
والناطق الرسمي عن خمسين مليونا من العشاق
على يدي ينام اهل الحب والحنين
فمرة اجعلهم حمائما
ومرة اجعلهم اشجار ياسمين
يا اصدقائي ...
انني الجرح الذي يرفض دوما
سلطة السكين ...
15
يا اصدقائي الرائعين:
انا الشفاه للذين ما لهم شفاه
انا العيون للذين ما لهم عيون
انا كتاب البحر للذين ليس يقرأون
انا الكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون
انا كهذا العصر, يا حبيبتي
اواجه الجنون بالجنون
وا**ر الاشياء في طفولة
وفي دمي, رائحة الثورة والليمون ...
انا كما عرفتموني دائما
هوايني ان ا**ر القانون
انا كما عرفتموني دائما
اكون بالشعر ... وإلا لا أريد أن أكون ...
16
يا اصدقائي:
انتم الشعر الحقيقي
ولا يهم ان يضحك ... او يعبس ...
او ان يغضب السلطان
انتم سلا طيني ...
ومنكم استمد المجد, والقوة , والسلطان ...
قصائدي ممنوعة ...
في المدن التي تنام فوق الملح والحجارة
قصائدي ممنوعة ...
لانها تحمل للانسان عطر الحب, والحضارة
قصائدي مرفوضة ...
لانها لكل بيت تحمل البشارة
يا اصدقائي:
اني ما زلت بانتظاركم
لنوقد الشراره ...
حوار مع ملك المغول
يا ملك المغول ..
يا وارث الجزمه والكرباج عن جدّك أرطغولْ
يا من ترانا كلنّا خيولْ..
لا فرق- من نوافذ القصور-
بين الناس والخيولْ..
يا ملك المغولْ ..
يا أيها الغاضب من صهيلنا..
يا أيهل الخائف من تفتّح الحقولْ..
أريد أن أـقول:
من قبل أن يقتلني سيّافكم مسرورْ..
وقبل أن يأتي شهود الزورْ..
أريد أن أقول كلمتينْ
لزوجت يالحامل من شهورْ..
وأصدقائي كلّهم..
وشعبي المقهورْ..
أريد أن أقول انّي شاعر
أحمل في حنجرتي عصفور
أرفض أن أبيعه..
وأنت من حنجرتي
تريد أن تصادر العصفورْ..
يا ملك المغولْ..
يا قاهر الجيوش يا مدحرج الرؤوس..
يا مدوّخ البحورْ..
يا عاجن الحديد يا مفتت الصخور
يا آكل الأطفال
يا مغتصب الأبكار
يا مفترس العطور
واعجبي ... واعجبي
أأنت , والشرطة , والجيش
على عصفور
.......................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
قصيدة اعتذار لأبي تمام
1 -
أحبائي :
إذا جئنا لنحضر حفلة للزار ..
منها يضجر الضجر
إذا كانت طبول الشعر ، يا سادة
تفرقنا .. وتجمعنا
وتعطينا حبوب النوم في فمنا
وتسطلنا .. وت**رنا.
كما الأوراق في تشرين تن**ر
فإني سوف أعتذر ..
2 -
أحبائي :
إذا كنا سنرقص دون سيقان .. كعادتنا
ونخطب دون أسنان .. كعادتنا ..
ونؤمن دون إيمان .. كعادتنا ..
ونشنق كل من جاؤوا إلى القاعة
على حبل طويل من بلاغتنا
سأجمع كل أوراقي..
وأعتذر...
3 -
إذا كنا سنبقي أيها السادة
ليوم الدين .. مختلفين حول كتابة الهمزة ..
وحول قصيدة نسبت إلى عمرو بن كلثوم ..
إذا كنا سنقرأ مرة أخرى
قصائدنا التي كنا قرأناها ..
ونمضغ مرة أخرى
حروف النصب والجر .. التي كنا مضغناها
إذا كنا سنكذب مرة أخرى
ونخدع مرة أخرى الجماهير التي كنا خدعناها
ونرعد مرة أخرى ، ولا مطر ..
سأجمع كل أرواقي ..
وأعتذر..
4 -
إذا كان تلاقينا
لكي نتبادل الانخاب، أو نسكر ..
ونستلقي على تخت من الريحان والعنبر
إذا كنا نظن الشعر راقصة .. مع الأفراح تستأجر
وفي الميلاد ، والتأبين تستأجر
ونتلوه كما نتلو كلام الزير أو عنتر
إذا كانت هموم الشعر يا سادة
هي الترفيه عن معشوقة القيصر
ورشوة كل من في القصر من حرس .. ومن عسكر ..
إذا كنا سنسرق خطبة الحجاج : والحجاج .. والمنبر ..
ونذبح بعضنا بعضا لنعرف من بنا أشعر ..
فأكبر شاعر فينا هو الخنجر..
5 -
أبا تمام .. أين تكون .. أين حديثك العطر؟
وأين يد مغامرة تسافر في مجاهيل ، وتبتكر ..
أبا تمام ..
أرملة قصائدنا .. وأرملة كتابتنا ..
وأرملة هي الألفاظ والصور..
فلا ماء يسيل على دفاترنا..
ولا ريح تهب على مراكبنا
ولا شمس ولا قمر
أبا تمام، دار الشعر دورته
وثار اللفظ .. والقاموس..
ثار البدو والحضر ..
ومل البحر زرقته ..
ومل جذوعه الشجر
ونحن هنا ..
كأهل الكهف .. لا علم ولا خبر
فلا ثوارنا ثاروا ..
ولا شعراؤنا شعروا ..
أبا تمام : لا تقرأ قصائدنا ..
فكل قصورنا ورق ..
وكل دموعنا حجر ..
6 -
أبا تمام : إن الشعر في أعماقه سفر
وإبحار إلى الآتي .. وكشف ليس ينتظر
ولكنا .. جعلنا منه شيئا يشبه الزفة
وإيقاعا نحاسيا، يدق كأنه القدر ..
7 -
أمير الحرف .. سامحنا
فقد خنا جميعا مهنة الحرف
وأرهقناه بالتشطير ، والتربيع ، والتخميس ، والوصف
أبا تمام .. إن النار تأكلنا
وما زلنا نجادل بعضنا بعضا ..
عن المصروف .. والممنوع من صرف ..
وجيش الغاصب المحتل ممنوع من الصرف!!
وما زلنا نطقطق عظيم أرجلنا
ونقعد في بيوت الله ننتظر ..
بأن يأتي الإمام على .. أو يأتي لنا عمر
ولن يأتوا .. ولن يأتوا
فلا أحدا بسيف سواه ينتصر ..
8 -
أبا تمام : إن الناس بالكلمات قد كفروا
وبالشعراء قد كفروا..
فقل لي أيها الشاعر
لماذا الشعر - حين يشيخ -
لا يستل سكينا .. وينتحر؟
من مفكرة عاشق دمشقي
فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا فيا دمشـقُ... لماذا نبـدأ العتبـا؟
حبيبتي أنـتِ... فاستلقي كأغنيـةٍ على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ أحببتُ بعدك..ِ إلا خلتُها كـذبا
يا شامُ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها فمسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوارِ مدرسـتي وأرجعيني الحبرَ والطبشورَ والكتبا
تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ بها وكم تركتُ عليها ذكرياتِ صـبا
وكم رسمتُ على جدرانِها صـوراً وكم **رتُ على أدراجـها لُعبا
أتيتُ من رحمِ الأحزانِ... يا وطني أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ والشُّـهبا
حبّي هـنا.. وحبيباتي ولـدنَ هـنا فمـن يعيـدُ ليَ العمرَ الذي ذهبا؟
أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ بكامـلـها ومن دموعي سقيتُ البحرَ والسّحُبا
فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها امـرأةً و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها ذهـبا
هـذي البساتـينُ كانت بينَ أمتعتي لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا
فلا قميصَ من القمصـانِ ألبسـهُ إلا وجـدتُ على خيطانـهِ عنبا
كـم مبحـرٍ.. وهمومُ البرِّ تسكنهُ وهاربٍ من قضاءِ الحبِّ ما هـربا
يا شـامُ، أيـنَ هما عـينا معاويةٍ وأيـنَ من زحموا بالمنكـبِ الشُّهبا
فلا خيـولُ بني حمـدانَ راقصـةٌ زُهــواً... ولا المتنبّي مالئٌ حَـلبا
وقبـرُ خالدَ في حـمصٍ نلامسـهُ فـيرجفُ القبـرُ من زوّارهِ غـضبا
يا رُبَّ حـيٍّ.. رخامُ القبرِ مسكنـهُ ورُبَّ ميّتٍ.. على أقدامـهِ انتصـبا
يا ابنَ الوليـدِ.. ألا سيـفٌ تؤجّرهُ؟ فكلُّ أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
دمشـقُ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربا؟
أدمـت سياطُ حزيرانَ ظهورهم فأدمنوها.. وباسوا كفَّ من ضربا
وطالعوا كتبَ التاريخِ.. واقتنعوا متى البنادقُ كانت تسكنُ الكتبا؟
سقـوا فلسطـينَ أحلاماً ملوّنةً وأطعموها سخيفَ القولِ والخطبا
وخلّفوا القدسَ فوقَ الوحلِ عاريةً تبيحُ عـزّةَ نهديها لمـن رغِبـا..
هل من فلسطينَ مكتوبٌ يطمئنني عمّن كتبتُ إليهِ.. وهوَ ما كتبا؟
وعن بساتينَ ليمونٍ، وعن حلمٍ يزدادُ عنّي ابتعاداً.. كلّما اقتربا
أيا فلسطينُ.. من يهديكِ زنبقةً؟ ومن يعيدُ لكِ البيتَ الذي خربا؟
شردتِ فوقَ رصيفِ الدمعِ باحثةً عن الحنانِ، ولكن ما وجدتِ أبا..
تلفّـتي... تجـدينا في مَـباذلنا.. من يعبدُ الجنسَ، أو من يعبدُ الذهبا
فواحـدٌ أعمـتِ النُعمى بصيرتَهُ فانحنى وأعطى الغـواني كـلُّ ما **با
وواحدٌ ببحـارِ النفـطِ مغتسـلٌ قد ضاقَ بالخيشِ ثوباً فارتدى القصبا
وواحـدٌ نرجسـيٌّ في سـريرتهِ وواحـدٌ من دمِ الأحرارِ قد شربا
إن كانَ من ذبحوا التاريخَ هم نسبي على العصـورِ.. فإنّي أرفضُ النسبا
يا شامُ، يا شامُ، ما في جعبتي طربٌ أستغفرُ الشـعرَ أن يستجديَ الطربا
ماذا سأقرأُ مـن شعري ومن أدبي؟ حوافرُ الخيلِ داسـت عندنا الأدبا
وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ قالَ الحقيقةَ إلا اغتيـلَ أو صُـلبا
يا من يعاتبُ مذبوحـاً على دمـهِ ونزفِ شريانهِ، ما أسهـلَ العـتبا
من جرّبَ الكيَّ لا ينسـى مواجعهُ ومن رأى السمَّ لا يشقى كمن شربا
حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ عـلى عنقي من ذا يعاتبُ مشنوقاً إذا اضطربا؟
الشعرُ ليـسَ حمامـاتٍ نـطيّرها نحوَ السماءِ، ولا ناياً.. وريحَ صَبا
لكنّهُ غضـبٌ طـالت أظـافـرهُ ما أجبنَ الشعرَ إن لم يركبِ الغضبا
متى يعلنون وفاة العرب
1 -
أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
تُسامحُني إن **رتُ زُجاجَ القمرْ...
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجرْ...
أحاول رسم بلادٍ
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...
- 2 -
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
لها برلمانٌ من الياسَمينْ.
وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.
تنامُ حمائمُها فوق رأسي.
وتبكي مآذنُها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.
ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.
ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني
- 3 -
أحاول رسم مدينةِ حبٍ...
تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ...
فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ...
- 4 -
رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا...
ولافائدهْ...
فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ...
وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ-
رائحةٌ واحدهْ...
وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.
- 5 -
أحاول منذ البداياتِ...
أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ...
رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.
رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ...
- 6 -
أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.
فبعضُ القصائدِ قبْرٌ،
وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.
وواعدتُ آخِرَ أنْثى...
ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ...
- 7 -
أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ...
وأنفُضَ عني غُباري.
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ...
أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ...
وداعا قريشٌ...
وداعا كليبٌ...
وداعا مُضَرْ...
- 8 -
أحاول رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
سريري بها ثابتٌ
ورأسي بها ثابتٌ
لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ...
ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.
ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ...
- 9 -
أحاول منذ الطفولةِ
فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ...
ليستقبلَ العاشقينْ...
وألغيتُ كل الحروب القديمةِ...
بين الرجال...وبين النساءْ...
وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ...
وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ...
ولكنهم...أغلقوا فندقي...
وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ...
وطُهْرِ العربْ...
وإرثِ العربْ...
فيا لَلعجبْ!!
- 10 -
أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ؟
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ...
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا،
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ...
وبين نُهور اللبنْ...
وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا...
ولا سمكٌ في مياهِ الفُراطْ...
ولا قهوةٌ في عَدَنْ...
- 11 -
أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ...
وأزرعَ نخلا...
ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ...
أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!
- 12 -
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
خارجَ كلِ الطقوسْ...
وخارج كل النصوصْ...
وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
في أي منفى ذهبت إليه...
لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -
بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ...
- 13 -
أحاول - مذْ كنتُ طفلا، قراءة أي كتابٍ
تحدّث عن أنبياء العربْ.
وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ...
فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء...
وبين الرُطَبْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ...
لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي...
وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي...
وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ...
فيا للعَجَبْ!!
- 14 -
أنا منذ خمسينَ عاما،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ، ولايمُطرونْ...
وهم يدخلون الحروب، ولايخرجونْ...
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
ولا يهضمونْ...
- 15 -
أنا منذ خمسينَ عاما
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ...
وليس لديهم بَنونْ...
وليس هنالك حُزْنٌ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!
- 16 -
أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...
رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...
فقتلى على شاشة التلفزهْ...
وجرحى على شاشة التلفزهْ...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ...
- 17 -
أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟
- 18 -
أنا...بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...
رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...
ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...
دكتوراة شرف في كيمياء الحجر
يرمي حجراً..
أو حجرينْ.
يقطعُ أفعى إسرائيلَ إلى نصفينْ
يمضغُ لحمَ الدبّاباتِ،
ويأتينا..
من غيرِ يدينْ..
في لحظاتٍ..
تظهرُ أرضٌ فوقَ الغيمِ،
ويولدُ وطنٌ في العينينْ
في لحظاتٍ..
تظهرُ حيفا.
تظهرُ يافا.
تأتي غزَّةُ في أمواجِ البحرِ
تضيءُ القدسُ،
كمئذنةٍ بين الشفتينْ..
يرسمُ فرساً..
من ياقوتِ الفجرِ..
ويدخلُ..
كالإسكندرِ ذي القرنينِ.
يخلعُ أبوابَ التاريخِ،
وينهي عصرَ الحشّاشينَ،
ويقفلُ سوقَ القوَّادين،
ويقطعُ أيدي المرتزقينَ،
ويلقي تركةَ أهلِ الكهفِ،
عن الكتفينْ..
في لحظاتٍ..
تحبلُ أشجارُ الزّيتونِ،
يدرُّ حليبٌ في الثديينْ..
يرسمُ أرضاً في طبريّا
يزرعُ فيها سنبلتينْ
يرسمُ بيتاً فوقَ الكرملْ،
يرسمُ أمّاً.. تطحنُ بُنَّاً عندَ البابِ،
وفنجانينْ..
وفي لحظاتٍ.. تهجمُ رائحةُ الليمونِ،
ويولدُ وطنٌ في العينينْ
يرمي قمراً من عينيهِ السوداوينِ،
وقد يرمي قمرينْ..
يرمي قلماً.
يرمي كتباً.
يرمي حبراً.
يرمي صمغاً.
يرمي كرّاسات الرسمِ
وفرشاةَ الألوانْ
تصرخُ مريمُ: "يا ولداهُ.."
وتأخذهُ بينَ الأحضانْ.
يسقطُ ولدٌ
في لحظاتٍ..
يولدُ آلافُ الصّبيانْ
ي**فُ قمرٌ غزّاويٌ
في لحظاتٍ...
يطلعُ قمرٌ من بيسانْ
يدخلُ وطنٌ للزنزانةِ،
يولدُ وطنٌ في العينين..
ينفضُ عن نعليهِ الرملَ..
ويدخلُ في مملكةِ الماء.
يفتحُ نفقاً آخرَ.
يُبدعُ زمناً آخرَ.
يكتبُ نصاً آخرَ.
ي**رُ ذاكرةَ الصحراءْ.
يقتلُ لغةً مستهلكةً
منذُ الهمزةِ.. حتّى الياءْ..
يفتحُ ثقباً في القاموسِ،
ويعلنُ موتَ النحوِ.. وموتَ الصرفِ..
وموتَ قصائدنا العصماءْ..
يرمي حجراً.
يبدأ وجهُ فلسطينٍ
يتشكّلُ مثلَ قصيدةِ شعرْ..
يرمي الحجرَ الثاني
تطفو عكّا فوق الماءِ قصيدةَ شعرْ
يرمي الحجرَ الثالثَ
تطلعُ رامَ الله بنفسجةً من ليلِ القهرْ
يرمي الحجر العاشرَ
حتّى يظهرَ وجهُ اللهِ..
ويظهرُ نورُ الفجرْ..
يرمي حجرَ الثورةِ
حتّى يسقطَ آخر فاشستيّ
من فاشستِ العصرْ
يرمي..
يرمي..
يرمي..
حتّى يقلعَ نجمةَ داوودٍ
بيديهِ،
ويرميها في البحرْ..
تسألُ عنهُ الصحفُ الكبرى:
أيُّ نبيٍّ هذا القادمُ من كنعانْ؟
أيُّ صبيٍّ؟
هذا الخارجُ من رحمِ الأحزانْ؟
أيُّ نباتٍ أسطوريٍّ
هذا الطالعُ من بينِ الجُدرانْ؟
أيُّ نهورٍ من ياقوتٍ
فاضت من ورقِ القرآنْ؟
يسألُ عنهُ العرَّافونَ.
ويسألُ عته الصوفيّونَ.
ويسألُ عنه البوذيّونَ.
ويسألُ عنهُ ملوكُ الأنسِ،
ويسألُ عنهُ ملوكُ الجانْ.
من هوَ هذا الولدُ الطالعُ
مثلَ الخوخِ الأحمرِ..
من شجرِ النسيانْ؟
من هوَ هذا الولدُ الطافشُ
من صورِ الأجدادِ..
ومن كذبِ الأحفادِ..
ومن سروالِ بني قحطانْ؟
من هوَ هذا الولدُ الباحثُ
عن أزهارِ الحبِّ..
وعنْ شمسِ الإنسانْ؟
من هوَ هذا الولدُ المشتعلِ العينينْ..
كآلهةِ اليونانْ؟
يسألُ عنهُ المضطهدونَ..
ويسألُ عنهُ المقموعونَ.
ويسألُ عنه المنفيّونَ.
وتسألُ عنهُ عصافيرٌ خلفَ القضبانْ.
من هوَ هذا الآتي..
من أوجاعِ الشمعِ..
ومن كتبِ الرُّهبانْ؟
من هوَ هذا الولدُ
التبدأُ في عينيهِ..
بداياتُ الأكوانْ؟
من هوَ؟
هذا الولدُ الزّارعُ
قمحَ الثورةِ..
في كلِّ مكانْ؟
يكتبُ عنهُ القصصيّونَ،
ويروي قصّتهُ الرُّكبانْ.
من هوَ هذا الطفلُ الهاربُ من شللِ الأطفالِ،
ومن سوسِ الكلماتْ؟
من هوَ؟
هذا الطافشُ من م**لةِ الصبرِ..
ومن لُغةِ الأمواتْ؟
تسألُ صحفُ العالمِ،
كيفَ صبيٌّ مثل الوردةِ..
يمحو العالمَ بالممحاةْ؟؟
تسألُ صحفٌ في أمريكا
كيف صبيٌّ غزّاويٌّ،
حيفاويٌّ،
عكَّاويٌّ،
نابلسيٌّ،
يقلبُ شاحنةَ التاريخِ،
وي**رُ بللورَ التوراةْ؟؟؟
أيظن
أيظن أني لعبة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه
اليوم عاد كأن شيئا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي : إني رفيقة دربه
وبأنني الحب الوحيد لديه
حمل الزهور إليّ .. كيف أرده
وصباي مرسوم على شفتيه
ما عدت أذكر .. والحرائق في دمي
كيف التجأت أنا إلى زنديه
خبأت رأسي عنده .. وكأنني
طفل أعادوه إلى أبويه
حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به .. رقصت على قدميه
سامحته .. وسألت عن أخباره
وبكيت ساعات على كتفيه
وبدون أن أدري تركت له يدي
لتنام كالعصفور بين يديه ..
ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه ..
في المقهى
جواري اتخذت مقعدها كوعاء الورد في اطمئنانها
وكتاب ضارع في يدها يحصد الفضلة من إيمانها
يثب الفنجان من لهفته في يدي ، شوقا إلى فنجانها
آه من قبعة الشمس التي يلهث الصيف على خيطانها
جولة الضوء على ركبتها زلزلت روحي من أركانها
هي من فنجانها شاربة وأنا أشرب من أجفانها
قصة العينين .. تستعبدني من رأى الأنجم في طوفانها
كلما حدقت فيها ضحكت وتعرى الثلج في أسنانها
شاركيني قهوة الصبح .. ولا تدفني نفسك في أشجانها
إنني جارك يا سيدتي والربى تسأل عن جيرانها
من أنا .. خلي السؤالات أنا لوحة تبحث عن ألوانها
موعدا .. سيدتي! وابتسمت وأشارت لي إلى عنوانها..
وتطلعت فلم ألمح سوى طبعة الحمرة في فنجانها
على الغيم
فَرَشتُ أهدابي.. فلن تتعَبي
نُزْهتنا على دمِ المغربِ
في غيمةٍ ورديّـةٍ.. بيتـُنــا
نَسْبَحُ في بريقها المُذْهَبِ
يسوقُنا العطرُ كما يشتهي
فحيثُما يذهبْ بنا.. نَذْهَبِ..
خذي ذراعي.. دربُنا فضّهٌ
ووعدُنا في مخدعِ الكوكبِ
أرجوكِ.. إنْ تمسّحتْ نجمةٌ
بذيلِ فستانكِ.. لا تغضبي
فإنها صديقةٌ .. حاولتْ
تقبيلَ رِجليكِ ، فلا تعتبي
ثِقي بحُبّي .. فهو أقصوصةٌ
بِأَدْمُعِ النجومِ لم تُكْتَبِ
حُبِّي بِلَونِ النار.. إنْ مرةً
وَشْوَشْتُ عنه الحبَّ، يَسْتَغْرِبُ
لا تَسأَليني..كيفَ أَحْبَبْتَني؟
يَدفعني إليكِ شوقٌ نــبي..
و اللهِ إنْ سَأَلتِني نجمةً
قَلَعْتُها من أُفْقِها .. فاطلبي
هل كان ينمو الوردُ في قمّتي؟
لو لم تهلّي أنتِ في ملعبي
و مطلبي لَديكِ ما يطلبُ
العصفورُ عند الجدولِ المعشبِ
و أنتِ لي ، ما العطرُ للوردة
الحمراء، لا أكونُ إنْ تذهبي
القبلة الأولى
عامان .. مرا عليها يا مقبلتي
وعطرها لم يزل يجري على شفتي
كأنها الآن .. لم تذهب حلاوتها
ولا يزال شذاها ملء صومعتي
إذ كان شعرك في كفي زوبعة
وكأن ثغرك أحطابي .. وموقدتي
قولي. أأفرغت في ثغري الجحيم وهل
من الهوى أن تكوني أنت محرقتي
لما تصالب ثغرانا بدافئة
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
تروي الحكايات أن الثغر معصية
حمراء .. إنك قد حببت معصيتي
ويزعم الناس أن الثغر ملعبها
فما لها التهمت عظمي وأوردتي؟
يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها
شذا جبالي .. وغاباتي .. وأوديتي
ويا نبيذية الثغر الصبي .. إذا
ذكرته غرقت بالماء حنجرتي..
ماذا على شفتي السفلى تركت .. وهل
طبعتها في فمي الملهوب .. أم رئتي؟
لم يبق لي منك .. إلا خيط رائحة
يدعوك أن ترجعي للوكر .. سيدتي
ذهبت أنت لغيري .. وهي باقية
نبعا من الوهج .. لم ينشف .. ولم يمت
تركتني جائع الأعصاب .. منفردا
أنا على نهم الميعاد .. فالتفتي.
هــــــــــــرة
كنت أعدو في غابة اللوز .. لما قال عني، أماه، إني حلوة
وعلى سالفي .. غفا زر ورد وقميص تفلتت منه عروة
قال ما قال .. فالقميص جحيم فوق صدري، والثوب يقطر نشوة
قال لي : مبسمي وريقة توت ولقد قال إن صدري ثروة
وروى لي عن ناهدي حكايا.. فهما جدولا نبيذ وقهوة
وهما دورقا رحيق ونور وهما ربوة تعانق ربوة..
أأنا حلوة؟ وأيقظ أنثى في عروقي ، وشق للنور كوه
إن في صوته قرارا رخيما وبأحداقه .. بريق النبوة
جبهة حرة .. كما انسرح النور وثغر فيه اعتداد وقسوة
يغصب القبلة اغتصابا .. وأرضي وجميل أن يؤخذ الثغر عنوة
ورددت الجفون عنه .. حياء وحياء النساء للحب دعوة
تستحي مقلتي .. ويسأل طهري عن شذاه .. كأن للطهر شهوة
أنت .. لن تنكري على احتراقي كلنا .. في مجامر النار نسوه
..........................................................................................................................................................................................................................
رسالة حب صغيرة
حبيبتي ، لديَّ شيءٌ كثيرْ.. أقولُهُ ، لديَّ شيءٌ كثيرْ ..
من أينَ ؟ يا غاليتي أَبتدي و كلُّ ما فيكِ.. أميرٌ.. أميرْ
يا أنتِ يا جاعلةً أَحْرُفي ممّا بها شَرَانِقاً للحريرْ
هذي أغانيَّ و هذا أنا يَضُمُّنا هذا الكِتابُ الصغيرْ
غداً .. إذا قَلَّبْتِ أوراقَهُ و اشتاقَ مِصباحٌ و غنّى سرير..
واخْضَوْضَرَتْ من شوقها، أحرفٌ و أوشكتْ فواصلٌ أن تطيرْ
فلا تقولي : يا لهذا الفتى أخْبرَ عَنّي المنحنى و الغديرْ
و اللّوزَ .. و التوليبَ حتى أنا تسيرُ بِيَ الدنيا إذا ما أسيرْ
و قالَ ما قالَ فلا نجمةٌ إلاّ عليها مِنْ عَبيري عَبيرْ
غداً .. يراني الناسُ في شِعْرِهِ فَمَاً نَبيذِيّاً، و شَعْراً قَصيرْ
دعي حَكايا الناسِ.. لَنْ تُصْبِحِي كَبيرَةً .. إلاّ بِحُبِّي الكَبيرْ
ماذا تصيرُ الأرضُ لو لم نكنْ لو لَمْ تكنْ عَيناكِ... ماذا تصيرْ
مع جريدة
أخرجَ من معطفهِ الجريده..
وعلبةَ الثقابِ
ودون أن يلاحظَ اضطرابي..
ودونما اهتمامِ
تناولَ السكَّرَ من أمامي..
ذوَّب في الفنجانِ قطعتين
ذوَّبني.. ذوَّب قطعتين
وبعدَ لحظتين
ودونَ أن يراني
ويعرفَ الشوقَ الذي اعتراني..
تناولَ المعطفَ من أمامي
وغابَ في الزحامِ
مخلَّفاً وراءه.. الجريده
وحيدةً
مثلي أنا.. وحيده
عيد ميلادها
بطاقة من يدها ترتعد
تفدى اليد
تقول : عيدي الأحد
ما عمرها؟
لو قلت .. غنى في جبيني العدد
إحدى ثوانيه إذا
أعطت، عصورا تلد
وبرهة من عمرها
يكمن فيها .. أبد
ترى إذا جاء غد
وانشال تول أسود
واندفعت حوامل الزهر..
وطاب المشهد
ورد..وحلوى ..وأنا
يأكلني التردد
بأي شيء أفد
إذا يهل الأحد
بخاتم ..بباقة؟
هيهات. لا أقلد
أليس من يدلني؟
كيف .. وماذا أقتني؟
ليومها الملحن
أحزمة من سوسن؟
أنجمة مقيمة في موطني؟
أهدي لها
الله .. ما أقلها؟ ..
من ينتقي؟
لي من كروم المشرق
من قمر محترق
حقا غريب العبق
آنية مسحورة خالقها لم يخلق..
أحملها ..غدا لها
الله ..ما أقلها
لو بيدي الفرقد
والدر والزمرد
فصلتها جميعها
رافعة لنهدها
ومحبسا لزندها
هدية صغيرة .. تحمل نفسي كلها
لعلها
إذا أنا حملتها
غدا لها
ستسعد
يا مرتجي .. يا أحد ..
الى صديقة جديدة
وَدَّعتُكِ الأمس ، و عدتُ وحدي
مفكِّراً بنَوْحكِ الأخيرِ
كتبتُ عن عينيكِ ألفَ شيءٍ
كتبتُ بالضوءِ و بالعبيرِ
كتبتُ أشياءَ بدون معنى
جميعُها مكتوبة ٌ بنورِ
مَنْ أنتِ . . مَنْ رماكِ في طريقي ؟
مَنْ حرَّكَ المياهَ في جذوري ؟
و كانَ قلبي قبل أن تلوحي
مقبرةً ميِّتَةَ الزُهورِ
مُشْكلتي . . أنّي لستُ أدري
حدّاً لأفكاري و لا شعوري
أضَعْتُ تاريخي ، و أنتِ مثلي
بغير تاريخٍ و لا مصيرِ
محبَّتي نار ٌ فلا تُجَنِّي
لا تفتحي نوافذ َ السعيرِ
أريدُ أن أقيكِ من ضلالي
من عالمي المسمَّم ِ العطورِ
هذا أنا بكلِّ سيئاتي
بكلِّ ما في الأرضِ من غرورِ
كشفتُ أوراقي فلا تُراعي
لن تجدي أطهرَ من شروري
للحسن ثوراتٌ فلا تهابي
و جرِّبي أختاهُ أن تثوري
و لتْشقي مهما يكنْ بحُبِّي
فإنَّه أكبر ُ من كبيرِ
سلالاات
مِنْ سُلالاتِ العَصَافِيرِ .. أنا
لا سُلالاتِ الشَجَرْ
وشَرَاييني امتدادٌ لشَرَايينِ القَمَرْ
إنَّني أخزِنُ كالأسماكِ في عَيْنَيَّ
ألوانَ الصواري ،
ومواقيتَ السَفَرْ .
أنا لا أُشْبِهُ إلا صُورَتي
فلماذا شَبَّهُوني بعُمَرْ ؟
طوق الياسمين
شكراً.. لطوق الياسمين
وضحكت لي.. وظننت أنك تعرفين
معنى سوار الياسمين
يأتي به رجل إليك
ظننت أنك تدركين
*
وجلست في ركن ركين
تسرحين
وتنقطين العطر من قارورة و تدمدمين
لحناً فرنسي الرنين
لحناً كأيامي حزين
قدماك في الخف المقصب
جدولان من الحنين
وقصدت دولاب الملابس
تقلعين .. وترتدين
وطلبت أن أختار ماذا تلبسين
أفلي إذن ؟
أفلي أنا تتجملين ؟
ووقفت .. في دوامة الأوان ملتهب الجبين
الأسود المكشوف من كتفيه
هل تترددين ؟
لكنه لون حزين
لون كأيامي حزين
ولبسته
وربطت طوق الياسمين
وظننت أنك تعرفين
معنى سوار الياسمين
يأتي به رجل إليك
ظننت أنك تدركين..
هذا المساء
بحانة صغرى رأيتك ترقصين
تت**رين على زنود المعجبين
تت**رين
وتدمدمين
قي أذن فارسك الأمين
لحناً فرنسي الرنين
لحناً كأيامي حزين
*
وبدأت أكتشف اليقين
وعرفت أنك للسوى تتجملين
وله ترشين العطور
وتقلعين
وترتدين
ولمحت طوق الياسمين
في الأرض .. مكتوم الأنين
كالجثة البيضاء
تدفعه جموع الراقصين
ويهم فارسك الجميل بأخذه
فتمانعين
وتقهقهين
" لاشيء يستدعي انحناْك
ذاك طوق الياسمين .. "
خبز وحشيش وقمر
عندما يولدُ في الشرق القمرْ..
فالسطوحُ البيضُ تغفو
تحت أكداس الزَهَرْ..
يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ
لملاقاةِ القَمَرْ..
يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ
و معدات الخدَرْ..
و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ
و صُوَرْ..
و يموتونَ إذا عاش القمر..
***
ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ؟
ببلادي..
ببلاد الأنبياءْ..
و بلاد البسطاءْ..
ماضغي التبغ و تجَّار الخدَرْ..
ما الذي يفعله فينا القمرْ؟
فنضيع الكبرياء..
و نعيش لنستجدي السماءْ..
ما الذي عند السماءْ؟
ل**الى..ضعفاءْ..
يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمرْ..
و يهزّون قبور الأولياءْ..
علَّها ترزقهم رزّاً.. و أطفالاً..قبورُ الأولياءْ
و يمدّون السجاجيدَ الأنيقات الطُرَرْ..
يتسلون بأفيونٍ نسميه قَدَرْ..
و قضاءْ..
في بلادي.. في بلاد البسطاءْ..
***
أي ضعفً و انحلالْ..
يتولاّنا إذا الضوء تدفقْ
فالسجاجيدُ.. و آلاف السلالْ..
و قداحُ الشاي .. و الأطفالُ..تحتلُّ التلالْ
في بلادي
حيث يبكي الساذجونْ
و يعيشونَ على الضوء الذي لا يبصرونْ..
في بلادي
حيث يحيا الناسُ من دونِ عيونْ..
حيث يبكي الساذجونْ..
و يصلونَ..
و يزنونَ..
و يحيونَ اتكالْ..
منذ أن كانوا يعيشونَ اتكالْ..
و ينادون الهلال:
" يا هلالْ..
أيُّها النبع الذي يُمطر ماسْ..
و حشيشياً..و نعاسْ..
أيها الرب الرخاميُّ المعلقْ
أيها الشيءُ الذي ليس يصدَّق"..
دمتَ للشرق..لنا
عنقود ماسْ
للملايين التي عطَّلت فيها الحواسْ
***
في ليالي الشرق لمَّا..
يبلغُ البدرُ تمامُهْ..
يتعرَّى الشرقُ من كلَِ كرامَهْ
و نضالِ..
فالملايينُ التي تركض من غير نعالِ..
و التي تؤمن في أربع زوجاتٍ..
و في يوم القيامَهْ..
الملايين التي لا تلتقي بالخبزِ..
إلا في الخيالِ..
و التي تسكن في الليل بيوتاً من سُعالِ..
أبداً.. ما عرفت شكلَ الدواءْ..
تتردَّى جُثثاً تحت الضياءْ..
في بلادي.. حيث يبكي الأغبياءْ..
و يموتون بكاءْ..
كلَّما حرَّكهمْ عُودٌ ذليلٌ..و "ليالي"
ذلك الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..
"ليالي"..و غناءْ
في بلادي..
في بلاد البسطاءْ..
حيث نجترُّ التواشيح الطويلةْ..
ذلكَ السثلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..
التواشيح الطويلة..
شرقنا المجترُّ..تاريخاً
و أحلاماً **ولةْ..
و خرافاتٍ خوالي..
شرقُنا, الباحثُ عن كلِّ بطولةْ..
في أبي زيد الهلالي..
أكبرُ من كُلِّ الكلماتِ
سيّدتي ! عندي في الدفترْ
ترقصُ آلافُ الكلمات
واحدةٌ في ثوبٍ أصفَرْ
واحدةٌ في ثوبٍ أحمَرْ
يحرقُ أطرافَ الصفحاتِ
أنا لستُ وحيداً في الدنيا
عائلتي .. حُزْمةُ أبيات
أنا شاعرُ حُبٍّ جَوَّالٌ
تعرفُهُ كلُّ الشُرُفاتِ
تعرفهُ كلُّ الحُلْوَاتِ
عندي للحبِّ تعابيرٌ
ما مرَّتْ في بال دواة
الشمسُ فتحتُ نوافذَها
و تركتُ هنالكَ مرساتي
و قطعتُ بحاراً .. و بحاراً
أنبشُ أعماقَ الموجاتِ
أبحثُ في جوف الصَدَفاتِ
عن حرفٍ كالقمر الأخضرْ
أهديهِ لعينيْ مولاتي
*
سيِّدتي ! في هذا الدفترْ
تجدينَ ألوفَ الكلمات
الأبيضَ منها و .. و الأحمَرْ
الأزرقَ منها و .. و الأصفَرْ
لكنَّكِ .. يا قمري الأخضَرْ
أحلى من كلِّ الكلماتِ
أكبرُ من كُلِّ الكلماتِ ..
شؤون صغيرة
تمر بها أنت .. دون التفات
تساوي لدي حياتي
جميع حياتي..
حوادث .. قد لا تثير اهتمامك
أعمر منها قصور
وأحيا عليها شهور
وأغزل منها حكايا كثيرة
وألف سماء..
وألف جزيرة..
شؤون ..
شؤونك تلك الصغيرة
فحين تدخن أجثو أمامك
كقطتك الطيبة
وكلي أمان
ألاحق مزهوة معجبة
خيوط الدخان
توزعها في زوايا المكان
دوائر.. دوائر
وترحل في آخر الليل عني
كنجم، كطيب مهاجر
وتتركني يا صديق حياتي
لرائحة التبغ والذكريات
وأبقي أنا ..
في صقيع انفرادي
وزادي أنا .. كل زادي
حطام السجائر
وصحن .. يضم رمادا
يضم رمادي..
***
وحين أكون مريضة
وتحمل أزهارك الغالية
صديقي.. إلي
وتجعل بين يديك يدي
يعود لي اللون والعافية
وتلتصق الشمس في وجنتي
وأبكي .. وأبكي.. بغير إرادة
وأنت ترد غطائي علي
وتجعل رأسي فوق الوسادة..
تمنيت كل التمني
صديقي .. لو أني
أظل .. أظل عليلة
لتسأل عني
لتحمل لي كل يوم
ورودا جميلة..
وإن رن في بيتنا الهاتف
إليه أطير
أنا .. يا صديقي الأثير
بفرحة طفل صغير
بشوق سنونوة شاردة
وأحتضن الآلة الجامدة
وأعصر أسلاكها الباردة
وأنتظر الصوت ..
صوتك يهمي علي
دفيئا .. مليئا .. قوي
كصوت نبي
كصوت وارتطام النجوم
كصوت سقوط الحلي
وأبكي .. وأبكي ..
لأنك فكرت في
لأنك من شرفات الغيوب
هتفت إلي..
***
ويوم أجيء إليك
لكي أستعير كتاب
لأزعم أني أتيت لكي أستعير كتاب
تمد أصابعك المتعبة
إلى المكتبة..
وأبقي أنا .. في ضباب الضباب
كأني سؤال بغير جواب..
أحدق فيك وفي المكتبة
كما تفعل القطة الطيبة
تراك اكتشفت؟
تراك عرفت؟
بأني جئت لغير الكتاب
وأني لست سوى كاذبة
.. وأمضى سريعا إلى مخدعي
أضم الكتاب إلى أضلعي
كأني حملت الوجود معي
وأشعل ضوئي .. وأسدل حولي الستور
وأنبش بين السطور .. وخلف السطور
وأعدو وراء الفواصل .. أعدو
وراء نقاط تدور
ورأسي يدور ..
كأني عصفورة جائعة
تفتش عن فضلات البذور
لعلك .. يا .. يا صديقي الأثير
تركت بإحدى الزوايا ..
عبارة حب قصيرة ..
جنينة شوق صغيرة
لعلك بين الصحائف خبأت شيا
سلاما صغيرا .. يعيد السلام إليا ..
***
وحين نكون معا في الطريق
وتأخذ - من غير قصد - ذراعي
أحسن أنا يا صديق ..
بشيء عميق
بشيء يشابه طعم الحريق
على مرفقي ..
وأرفع كفي نحو السماء
لتجعل دربي بغير انتهاء
وأبكي .. وأبكي بغير انقطاع
لكي يستمر ضياعي
وحين أعود مساء إلى غرفتي
وأنزع عن كتفي الرداء
أحس - وما أنت في غرفتي -
بأن يديك
تلفان في رحمة مرفقي
وأبقي لأعبد يا مرهقي
مكان أصابعك الدافئات
على كم فستاني الأزرق ..
وأبكي .. وأبكي .. بغير انقطاع
كأن ذراعي ليست ذراعي..
كلمات
يُسمعني.. حـينَ يراقصُني كلماتٍ ليست كالكلمات
يأخذني من تحـتِ ذراعي يزرعني في إحدى الغيمات
والمطـرُ الأسـودُ في عيني يتساقـطُ زخاتٍ.. زخات
يحملـني معـهُ.. يحملـني لمسـاءٍ ورديِ الشُـرفـات
وأنا.. كالطفلـةِ في يـدهِ كالريشةِ تحملها النسمـات
يحمـلُ لي سبعـةَ أقمـارٍ بيديـهِ وحُزمـةَ أغنيـات
يهديني شمسـاً.. يهـديني صيفاً.. وقطيـعَ سنونوَّات
يخـبرني.. أني تحفتـهُ وأساوي آلافَ النجمات
و بأنـي كنـزٌ... وبأني أجملُ ما شاهدَ من لوحات
يروي أشيـاءَ تدوخـني تنسيني المرقصَ والخطوات
كلماتٍ تقلـبُ تاريخي تجعلني امرأةً في لحظـات
يبني لي قصـراً من وهـمٍ لا أسكنُ فيهِ سوى لحظات
وأعودُ.. أعودُ لطـاولـتي لا شيءَ معي.. إلا كلمات
لوليتا
صار عمري خمس عشرة
صرت أحلى ألف مرة
صار حبي لك أكبر
ألف مرة..
ربما من سنتين
لم تكن تهتم في وجهي المدور
كان حسني بين بين ..
وفساتيني تغطي الركبتين
كنت آتيك بثوبي المدرسي
وشريطي القرمزي
كان يكفيني بأن تهدي إلي
دمية .. قطعة سكر ..
لم أكن أطلب أكثر
وتطور..
بعد هذا كل شيء
لم أعد أقنع في قطعة سكر
ودمي .. تطرحها بين يدي
صارت اللعبة أخطر
ألف مرة..
صرت أنت اللعبة الكبرى لدي
صرت أحلى لعبة بين يدي
صار عمري خمس عشره..
*
صار عمري خمس عشره
كل ما في داخلي .. غنى وأزهر
كل شيء .. صار أخضر
شفتي خوح .. وياقوت م**ر
وبصدري ضحكت قبة مرمر
وينابيع .. وشمس .. وصنوبر
صارت المرآة لو تلمس نهدي تتخدر
والذي كان سويا قبل عامين تدور
فتصور ..
طفلة الأمس التي كانت على بابك تلعب
والتي كانت على حضنك تغفو حين تتعب
أصبحت قطعة جوهر..
لا تقدر ..
*
صار عمري خمس عشره
صرت أجمل ..
وستدعوني إلى الرقص .. وأقبل
سوف ألتف بشال قصبي
وسأبدوا كالأميرات ببهو عربي..
أنت بعد اليوم لن تخجل في
فلقد أصبحت أطول ..
آه كم صليت كي أصبح أطول..
إصبعا .. أو إصبعين..
آه .. كم حاولت أن أظهر أكبر
سنة أو سنتين ..
آه .. كم ثرت على وجهي المدور
وذؤاباتي .. وثوبي المدرسي
وعلى الحب .. بشكل أبوي
لا تعاملني بشكل أبوي
فلقد أصبح عمري خمس عشرة
نهر الأحزان
عيناكِ كنهري أحـزانِ
نهري موسيقى.. حملاني
لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ
نهرَي موسيقى قد ضاعا
سيّدتي.. ثمَّ أضاعـاني
الدمعُ الأسودُ فوقهما
يتساقطُ أنغامَ بيـانِ
عيناكِ وتبغي وكحولي
والقدحُ العاشرُ أعماني
وأنا في المقعدِ محتـرقٌ
نيراني تأكـلُ نيـراني
أأقول أحبّكِ يا قمري؟
آهٍ لـو كانَ بإمكـاني
فأنا لا أملكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ وأحـزاني
سفني في المرفأ باكيـةٌ
تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ
ومصيري الأصفرُ حطّمني
حطّـمَ في صدري إيماني
أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟
يا ظـلَّ الله بأجفـاني
يا صيفي الأخضرَ ياشمسي
يا أجمـلَ.. أجمـلَ ألواني
هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا
أحلى من عودةِ نيسانِ؟
أحلى من زهرةِ غاردينيا
في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني
يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي
فدموعُكِ تحفرُ وجـداني
إني لا أملكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ ..و أحزاني
أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟
آهٍ لـو كـان بإمكـاني
فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ
لا أعرفُ في الأرضِ مكاني
ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني
إسمي.. ضيَّعَـني عنـواني
تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ
إنـي نسيـانُ النسيـانِ
إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو
جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ
ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني
قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني
ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ
يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ
أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي
عنّي.. عن نـاري ودُخاني
فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ... وأحـزاني